للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون} [الأنبياء: ١٠٩]، وقوله: {قل أدري أقريب ما توعدون أم يجعل له ربي أمدًا} [الجن: ٢٥ - ٢٦].

فجاء بنفي الدراية الأولى بـ (ما) ونفي الدراية الثانية وما بعدها بـ (إن)، وذلك لأن الآية الثانية والثالثة أبعد في علوم الدراية، وأقعد من الأولى، فقد أطلع الله رسوله فيما بعد على ما سيفعله به، وبهم في الدنيا والآخرة، فقد وعده بالفتح والنصر والمغفرة، وكسر شوكة الكفر في الدنيا وأطلعه على ما سيفعل به وبهم في الآخرة، ولذلك قيل الاية منسوخة (١).

في حين لم يطلع الله سبحانه رسوله ولا أحدًا من خلقه على موعد يوم القيامة، فإن هذا مما أختص الله به نفسه، ولم يظهره لأحد غيره، فأكد عدم العلم بالساعة بـ (إن)، والآخر بـ (ما)، وهذا واضح، وأظن أن في هذا كفاية، فدل ذلك على أن (إن) آكد في النفي من (ما) والله أعلم.

[لا]

أقدم حروف النفي في العربية (٢). تدخل على الأسماء والأفعال.

فمما يدخل على الأسماء (لا) النافية للجنس، نحو: (لا ريب فيه)، و (لا رجل في الدار) وهي تفيد التنصيص على نفي الجنس، وهي آكد من العاملة عمل ليس أو المهملة كما سبق ذكره.

ومنها (لا) المشبهة بـ (ليس)، وغير العاملة أصلا نحو (لا رجل حاضرا) و (لا رجل حاضرٌ) وهما لنفي الجنس برجحان، وقد يراد بهما نفي الواحد.

وتدخل على المعارف فيجب إهمالها وتكرارها، وذلك نحو قوله تعالى: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار} [يس: ٤٠]، ونحو (لا محمد حاضر


(١) انظر الكشاف ٣/ ١١٨
(٢) التطور النحوي ١١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>