للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيء إن أنتم إلا تكذبون قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون وما علينا إلا البلاغ المبين} [يس: ١٣ - ١٧]، أقول ألا ترى كيف أكد الكلام أولا، بأن دون اللام (أنا إليكم مرسلون) ثم لما اشتد التكذيب، احتاج الأمر إلى توكيد فقال (ربنا يعلم أنا إليكم لمرسلون فأكده بإن واللام؟ (١)

فهل مثل ذاك وأظنه من الوضوح بمكان.

[إن]

وإما (إن) فأنكر إعمالها جمهور البصريين وأجازه جماعة مستندين إلى طائفة من النصوص وقيل هي لغة أهل العالية (٢) ومن ذلك قولهم: (إن أحد خيرا من أحد إلا بالعافية) وقوله:

إن هو مستوليا على أحد ... إلا على أضعف المجانين

ولم ترد معملة في القرآن الكريم في القراءة المشهورة.

ويذكر لنا النحاة أنها بمنزلة (ما) في نفي الحال (٣)، والصحيح أنها تأتي لغيره قال تعالى: {إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده} [فاطر: ٤١].

والذي يبدو أنها آكد من (ما) في النفي، كما تستعمل كثيرا في الإنكار قال تعالى على لسان النسوة في يوسف عليه السلام: (ما هذا بشرًا إن هذا إلا ملك كريم) [يوسف: ٣١]، فنفي مرة بما ومرة بإن. ولما رأيت إثبات صورة الملك ليوسف، وهو أمر في حاجة إلى توكيد في النفي والإثبات قال (إن هذا إلا ملك كريم)، وقال: {ما هن أمهاتهم إن


(١) انظر الأتقان ٢/ ٦٤ - ٦٥
(٢) الأشموني ١/ ٢٥٥، التصريح ١/ ٣٠١، الغنى ١/ ٢٣ - ٢٤، ابن عقيل ١/ ١٢١، ١٢٢، والعالية هي ما فوق نجد إلى أرض تهامة وإلى ما وراء مكة وما وإلاها التصريح ١/ ٢٠١
(٣) المفصل ٢/ ٢٠٠، الهمع ١/ ١٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>