فمن ذلك في لغتنا الدارجة (العلوة) مثلا فهي الأصل للمكان المرتفع من العلو، توضع فيه الخضروات، والحبوب ونحوها لغرض بيعها، ثم انمحي عن المكان معنى العلو، وأصبحت تطلق على مكان بيع هذه الأشياء، وإن لم يكن مرتفعا بل وإن كان منخفضا، ومنه قولنا في الدراجة (نتسوق) أي ندخل السوق للشراء ثم أصبحت بمعنى الشراء، وإن لم يكن من السوق، ومنه في العربية (رفع عقيرته) وأصله أن رجلا رفع رجله المقطوعة وصاح بأعلى صوته، ثم انمحى عنه رفع الرجل المقطوعة وبقي المصاحب له، وهو الصياح فصاح بمعنى (صاح) وهكذا أمر سوى.
[ليس ولا يكون]
أستُعمل كل من (ليس) و (لا يكون) للاستثناء، نحو (أقبل الرجال ليس محمدا) و (أقبلت النساء لا يكون هندا) وفي الحديث: ما أنهر الدم فكلوا ليس السن والظفر.
وهذان الفعلان إذا استعملا في الاستثناء كانا بلفظ واحد، هو الافراد والتذكير، (ليس) و (لا يكون) فلا يؤنثان ولا يسندان إلى اسم ظاهر ولا إلى الضمير بارز فتقول (أقبل النساء ليس فاطمة ولا يكون فاطمة) و (اقبل الرجال ليس محمدا، ولا يكون محمدا) ولا تقول: (ليست فاطمة) و (ولا تكون (١))، ولا ليسوا ولا يكونوا، ولا يسبق (يكون) غير (لا) من حروف النفي، وهما لا يطابقان (إلا) في الاستعمال، ولا في المعنى.
أما من حيث الاستعمال، فإنه لا يصح في المستثنى بهما الاتباع فلا تقول في (ما حضر الطلاب إلا سعيدا)(ما حضر الطلاب ليس سعيد) بالاتباع، ولا في (ما مررت بالطلاب إلا سعيد)(ما مررت بالطلاب ليس سعيد ولا يكون سعيدٍ).
ولا يستعملان في الاستثناء المفرغ فلا تقول:(ما حضر ليس محمدٌ) كما تقول: (ما حضر إلا محمدٌ).