للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفرق واضح بين المعنيين، فإنك إذا قلت (هذا بسرا أطيب منه رطبا) فقد فضلت الشيء على نفسه، أي هذا عند ما كان بسرا أطيب منه عندما رطبا أو عندما يكون.

وأما إذا قلت (هذا بسر أطيب منه عنب) كان المعنى أن هذا بسر يفضله العنب. وتقول في غير الجامدة (محمد شاعرا أحسن منه كاتبا) أي محمد حال كونه شاعرا خير منه حال كونه كاتبا، وتقول (محمد شاعر أحسن منه كاتب) أي أن محمدا شاعرا يفضله كاتب، فأحسن مبتدأ آخر وكاتب خبر له، وهذا الجملة صفة.

٨ - المصدر نحو (أقبل أخوك ركضا) و (قدم الجيش زحفا) فركضا وزحفا حالان جامدان لأنهما مصدران وليسا وصفين. إلى غير ذلك من المواطن.

[وقوع المصدر حالا]

وقد يقع المصدر حالا وقد استعملت العرب ذلك كثيرا، ومه قوله تعالى: {يأيها الذين أمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار} [الأنفال: ١٥]، أي زاحفين وقوله: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية} [البقرة: ٢٧٤]، أي مسرين ومعلنين، قوله: {وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها} [آل عمران: ٨٣]، أي طائعا وكارها وقوله: {وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا} [الأنعام: ١١٥]، أي صادقة وعادلة، وقوله: {حملته أمه كرها ووضعته كرها} [الأحقاف: ١٥]، أي كارهة، ونحو قولك (أقبل علي ركضا) و (قتله صبرا) و (طلع بغتة) و (كلمته مشافهة) ونحو ذلك (١)، وهو ليس بمقيس عند النحاة على كثرته (٢)، وعند المبرد هو مقيس فيما كانت الحال فيه نوعا من عاملها، فإن قلت (أقبل ركضا) جاز لأن الركض نوع من الاقبال، ولو قلت (جاء بكاء وضحكا) لم يجز لأن البكاء والضحك ليسا نوعا من المجيء، قال المبرد في (المقتصب): " ولو قلت: (جئته إعطاء) لم يجز، لأن الاعطاء ليس من المجيء، ولكن (جئته سعيا) فهذا جيد لأن


(١) انظر سيبويه ١/ ١٨٦، ابن يعيش ٢/ ٥٩، المقتضب ٣/ ٢٣٤، الهع ١/ ٢٣٨
(٢) انظر سيويه ١/ ١٨٦، ابن يعيش ٢/ ٥٩، الرضي على الكافية ١/ ٢٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>