ونحوه الظرف، نحو (ما بين الإشجار، وجدت الكرة) فإنه يفيد أثبات وجدان الكرة، لكن نفي كونها بين الأشجار بخلاف ما لو قال:(ما وجدت الكرة بين الأشجار) فإنه نفي وجودها بين الأشجار، أما وجودها في محل آخر فلم يعرض له، فقد يكون وجودها أو لم يجدها، ونحو (ما يوم الجمعة سافر خالد) و (ما سافر خالد يوم الجمعة) وهكذا.
جاء في (دلائل الإعجاز): " ويجيء لك هذا الفرق على وجهه في تقديم المفعول وتأخيره، فإذا قلت:(ما ضربت زيدا) فقدمت الفعل كان المعنى أنك قد نفيت أن يكون قد وقع ضرب منك على زيد، ولم تعرض في أمر غيره لنفي ولا إثباتن وتركته مبهما محتملا، وإذا قلت (ما زيدا ضربت) فقدمت المفعول كان المعنى على أن ضربا وقع منك على إنسان، وظن أن ذلك الإنسان زيد، فنفيت أن يكون إياه، فلك أن تقول في الوجه الأول (ما ضربت زيدًا ولا أحدًا من الناس) وليس لك في الوجه الثاني، فلو قلت (ما زيدًا ضربت ولا أحدًا من الناس) كان فاسدًا على ما مضى في الفاعل.
وحكم الجار مع المجرور في جميع ما ذكرنا، حكم المنصوب فإذا قلت:(ما أمرتك بهذا) كان المعنى على نفي أن تكون قد أمرته بذلك، ولم يجب أن تكون قد أمرته بشيء آخر، وإذا قلت (ما بهذا أمرتك) كنت قد أمرته بشيء غيره (١).
ب - وقوع الفعل في حيز النفي وعدمه، إذا وقع الفعل في حيز النفي كان منفيا، وإن لم يقع في حيزه كان مثبتًا، وذلك نحو (عرفت أنه ليس مسافرًا) و (ما عرفت أنه مسافر) فالجملة الأولى إثبات للمعرفة، والثانية نفي لها، فقد عرف في الجملة الأولى أنه ليس بمسافر، وأما في الثانية، فقد معرفته بذلك فلم يعلم أنه مسافر: ونحو (سمعت أنك لم تترك عملك) و (ما سمعت أنك تركت عملك) فالأولى إثبات للسماع، والثانية نفي له، ونحو قولك:(قلت: إنه ليس بشاعر) و (ما قلت إنه شاعر) فقد أثبت القول في الأولى ونفاه في الثانية، فقد قال في الأولى (إنه ليس بشاعر) وفي الثانية لم يقل أنه شاعر.