فصيغة (ما أفعل) تصف الحال وصيغة (فعل) تصف تطور الحال وتحوله، يدلك على ذلك أن صيغة (فعُل) لا يزال فيها معنى الحدث، وأن الفعلية لم تنمح كما انمحت من صيغة (ما أفعل) وإن الفعل لا يزال يستند إلى فاعل مرفوع، وإنه تتصل به تاء التأنيث الساكنة، ويرفع الضمير مما يدل على أن الحدث لا يزال واضحا في هذا الفعل.
وتفيد صيغة (فعل) أيضا التعجب على وجه الاستمرار والثبات، وذلك أن (فعُل) يدل على الثبوت أصلا أو تحويلا، فقولك (ما أحسن هذا المكان) يصف المكان بالحسن في وقت تعجبك، وأما (حسن هذا المكان) فإنه يفيد التعجب من هذا الحسن، فهي حسنة على وجه الدوام قال تعالى: في وصف الجنة: {حسنت مستقرا ومقامًا}[الفرقان: ٧٦]. فهي حسنة على وجه الدوام، وقال يصف رفقة اهل الجنة:{وحسن أولئك رفيقا}[النساء: ٦٩]، يصفهم بالحسن على وجه الدوام والاستمرار.
أما إذا قلت (كبر بها كلمة) و (حسن به مقاما) كانت العبارة تنصيصا على معنى التعجب وتأكيدًا له، ولا يبعد فيما أرى أن يقال إن الباء تفيد الالصاق على معنى التصق الكبر بالكلمة فهو لا يفارقها، والتصق الحسن بالمقام، تقول (صبر بمحمد) ومعناه التصق الصبر بمحمد فهو لا يفارقه، وتقول في غير هذا الباب (كفي بالزمن واعظًا) أي التصقت الكفاية بالزمن، والله أعلم.
[٤ - التعجب بالنداء]
يتعجب بالنداء وذلك بإدخال لام جر مفتوحة على المتعجب منه، مسبوقة بحرف النداء (يا) نحو بالماء! ياللهول! يا للعجب! يالله! يالك شاعرًا! وقد تحذف اللام فيجاء بألف في آخر المتعجب منه، فيقال: يا عجبا يا هولا والتعجب بالنداء على وجهين:
أحدهما: أن ترى أمرا عظيما فتتعجب منه بندائه، فتقول مثلا: يا للماء! إذا تعجبت من كثرته. وياللهول! إذا رأيت هولا عظيما فتتعجب من فظاعته.