للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في (شرح ابن يعيش): " وأما دخول اللام للتعجب، فنحو قولهم: (يا للماء) كأنهم رأوا عجبا وماء كثيرا، فقالوا تعال يا عجب، ويا ماء، فإنه من أبانك ووقتك، وقالوا: (يا للدواهي) أي تعالين، فإنه لا يستنكر لكن لأنه من أحيانكن (١).

والوجه الآخر أن ترى أمرًا تستعظمه، فتنادي من له نسبة إليه أو مكنة فيه، نحو يا للعلماء (٢). وذلك كأن ترى جهازًا علميًا يبهرك فتنادي العلماء للاطلاع عليه، أو تناديهم متعجبا من عملهم وصنعهم، وكأن تسمع قصيدة تهزك فتقول يا للشعراء، متعجبًا من فعلهم أو تدعوهم لسماع هذا الشعر متعجبًا منه.

والتعجب بالنداء قياس مطرد.

فإذا حذفت اللام جئت بالألف في آخره نحو: يا عجبا! يا اسفا!

والفرق بين هذه الصورة وما قبلها أن في الآخيرة مدا للصوت زيادة في التعجب وإظهاره، فإذا قلت (يا أسفا) كنت مادا صوتك بالأسف، بخلاف قولك (يا للاسف) وذلك نحو قوله تعالى: {يأسفى على يوسف} [يوسف: ٨٤]، فإن فيه مد الصوت بالألف للدلالة على شدة الأسف وتمكنه من نفس قائله، ونحو قوله تعالى: {ياويلتي ليتني لم اتخذ فلانا خليلا} [الفرقان: ٢٨]، فإنه أبلغ من (يا للويل) لما في مد الصوت بالويل من دلالة على فظاعة الويل، ومثله قوله تعالى: {ياويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي} [المائدة: ٣١]، وهذا أشبه شيء بالندبة وما فيها من مد للصوت، إظهارا للحسرة والتوجع نحو (واعمراه) (واكبداه) ويجوز التعجب بـ (وا) (٣). نحو: (واأسفا) لما بينهما من الاقتراب.


(١) شرح ابن يعيش ١/ ١٣١، وانظر كتاب سيبويه ١/ ٣٢٠
(٢) الهمع ١/ ١٨٠، التصريح ٢/ ٨١
(٣) المغني ١/ ١٠٦

<<  <  ج: ص:  >  >>