للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن التعجب بزيادة الألف في الآخر أكثر ما يكون فيما كان فيه عاطفة قوية عميقة، فيمد الصوت إظهارا لذلك نحو: يا حسرتاه يا فرحتاه، قال تعالى: {أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله} [الزمر: ٥٦]، وهذا مقام حسرة لا يعدلها حسرة، والله أعلم.

وقد يخلو المتعجب منه من اللام والألف، نحو (يا عجب) (١). قال تعالى: {يا حسرة على العباد} [يس: ٣٠]، وقال: {يا ويلنا هذا يوم الدين} [الصافات: ٢٠]، وقال: {يا بشرى هذا غلام} [يوسف: ١٩].

وهذا تعجب بالنداء أي (يا للحسرة على العباد) ومعناه: أقبلي أيتها الحسرة، فهذا أوانك.

جاء في (الكشاف): في قوله تعالى: {يا حسرة على العباد}: " نداء للحشرة عليهم كأنما قيل لها تعالى يا حسرة، فهذه من أحوالك التي حقك أن تحضري فيها، وهي حال استهزائهم بالرسل، والمعنى أنهم أحقاء بأن يتحسر عليهم المتحسرون، ويتلهف على حالهم المتلهفون، أو هم متحسر عليهم من جهة الملائكة والمؤمنين من الثقلين، ويجوز أن يكون من الله تعالى على سبيل الاستعارة في معنى تعظيم ما جنوه على أنفسهم ومحنوها به، وفرط إنكاره له وتعجبه منه" (٢).

والتعجب بالنداء على هذه الصورة الأخيرة مستعمل في الدراجة كثيرا، نحو (يا روحي) (يا خسارة) (يا فضيحة) (يا عيوني) (يا فرحة ما دامت) (ياسلام) بمعنى يا للخسارة! يا للفضيحة، يا للفرحة التي لم تدم وهكذا، وهي تعبيرات عربية فصيحة مراد بها معنى التعجب


(١) التصريح ٢/ ١٨١
(٢) الكشاف ٢/ ٥٨٦

<<  <  ج: ص:  >  >>