للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا فيما أرى كلام لا حقيقة تحته، فإن اللام للتقوية ولكن ليست لتقوية العامل الضعيف بل لتقوية الاختصاص وتوكيدهن فإنك تقول (أكرمت محمدًا) فإذا أردت التخصيص قلت (محمدًا أكرمت) بتقديم المفعول، فإذا أردت زيادة التخصيص وتوكيده جئت باللام الدالة على الاختصاص فتقول (لمحمد أكرمت). قال تعالى: {للذين هم لربهم يرهبون} أي: يخصونه بالرهبة، وذهب بعضهم إلى أنها لام التعليل (١). وهو أقرب من القول بأنها مقوية للعامل.

وأما دخولها على مفعول اسم الفاعل، نحو (وهو الحق مصدقا لما معهم) فيبدو أن دخولها لمعنى آخر، وذلك إن قولك (أنا مكرم محمدًا) يدل على الحال أو الاستقبال، فإن اسم الفاعل إذا نصب مفعولا كان دالا على الحال أو الاستقبال، قال تعالى: {إني خلق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} [ص: ٧١ - ٧٢]، فهو لم يخلقه بعد لانه قال: (فإذا سويته) فإذا أدخلت اللام فقلت (أنا مكرم لمحمد) كان ذلك يفيد الإطلاق وليس مختصا بالحال أو الاستقبال، كما تقول (أنت مهين لسعيد) أي أنت تعينه، وقد أهانه قبل القول بخلاف (أنت مهينٌ سعيدًا).

وأما دخولها على مفعول اسم المبالغة فللاختصاص أيضا، نحو (مناع للخير) و (نزاعة للشوى) و (فعال لما يريد) فهو يخص منعه بالخير وكذلك ما بعده.

أن دخول اللام على المفعول ظاهرة في بعض من اللغات السامية كالعبرية والآرامية والحبشية. جاء في (التطور النحوي): " واللام للمفعول كثيرا في العبرية والآرامية وخصوصا في الحبشية مثال ذلك Ua - la hedan tegazreu أي فاختنوا الولد. ومثل هذا نادر جدا في العربية مثاله في القرآن الكريم {إن كنتم للرءيا تعبرون} واقتصرت اللام للمفعول في العربية غالبا على مفعول المصدر وفاعل وإخواتها، فوضعت العربية قواعد تحدد الحالات التي يجوز فيها استعمال اللام .. ومن خصائص العربية انها قد تعمل بعض الأوصاف المتعلقة بالعمل غير (فاعل) وأخواتها عمل (فاعل) أيسضا ونادرًا ما


(١) تفسير فتح القدير ٢/ ٢٣٨، قوله تعالى: {لربهم يرهبون}.

<<  <  ج: ص:  >  >>