للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهي كما ترى كلها في بني إسرائيل، واحدة في كلام موسى لربه، واثنتان في رجعه إلى أمه.

ومن المعلوم أن (كي) حرف تعليل عبري ki فتخصيص استعماله في القرآن الكريم لهؤلاء القوم تخصيص فني جميل، كأنه إشارة إلى الحديث بلغتهم القدمى. وهذا أمر جدير بالنظر فيه في دراسة التعبير القرآني، فإنه كثيرا ما يستعل اللفظ الذي أصله غير عربي مع القوم الذين كانوا يستعملونه، كاستعمال المنسأة والسري وغيرهما. يتبين مما مر أن (كي) تستعمل للغرض الحقيقي أما اللام فهي أوسع استعمالا منها، وأن الجمع بينهما يفيد التوكيد والله أعلم.

[لن]

تدخل على الفعل المضارع، فتخلصه للاستقبال، وتنفيه نفيا مؤكدا " تقول: لا أبرح اليوم مكاني، فإذا وكدت وشددت قلت: لن أبرح اليوم مكاني" (١).

وهي نقيضة (سوف)، فإذا قلت (سوف أفعل) فنفيه (لن أفعل (٢).) فسوف للإثبات و (لن) للنفي ولا يجمع بينهما، فلا يقال (سوف لن أفعل) ولا (سوف لا أفعل) كما هو شائع اليوم.

وذهب بعضهم أن نفيها يفيد التأبيد (٣). قال تعالى: {فلن يخلف الله عهده} [البقرة: ٨٠]، وقال: {إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له} [الحج: ٧٣]، وقال: {ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا} [النساء: ٥٢].

والحق أنها لا تفيد وإنما هي للاستقبال، وهذا الاستقبال قد يكون بعيدا متطاولا، وقد يكون قريبا منقطعا، بدليل قوله تعالى: {فلن أكلم اليوم إنسيا} [مريم: ٢٦].


(١) المفصل ٢/ ٢٠٠، وانظر شرح الرضي على الكافية ٢/ ٢٦٠
(٢) كتاب سيبويه ١/ ٤٦٠، وانظر المقتضب ٢/ ٦، شرح ابن يعيش ٧/ ١٥
(٣) انظر شرح الرضي على الكافية ٢/ ٢٦٠، البرهان ٢/ ٤٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>