للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ينفي المسند إليه عن طريق إثباته، وذلك كأن تقول (شاعركم لا يحسن القول) فظاهر هذا، أن لهم شاعرا لا يحسن القول، وقد يراد بذالك أن ليس لهم شاعر أصلا، ونحو قولك: (شعرك أحسن من نثره) فظاهر هذا الكلام أن له شعرًا أحسن من نثر الغائب، وقد يقال هذا التعبير وليس للمخاطب شعر أصلا، فيراد به أنه لو كان لك شعر لكان أحسن من نثره، أو يقال على سبيل التهكم، ومنه قوله تعالى: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين} [المدثر: ٤٨]، والمعنى أنهم لا شافعين لهم أصلا فتنفعهم شفاعتهم، وليس المعنى أن الشافعين يشفعون لهم، ولكن لا تنفعهم شفاعتهم.

ومنه قول الشاعر:

على لا حب لا يهتدي بمناره

أي على طريق لا منار به، فيهتدي به وليس المراد أن في الطريق منارا لا يهتدي به (١).

ومنه قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في وصف مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنثي فلتاته. أي لا تذاع سقطاته، فظاهر هذا اللفظ أنه كان ثم فلتات غير أنها لا تذاع، وليس المراد أنه لم يكن ثم فلتات فتنثى (٢). فظاهر التعبير إثبات المسند إليه، غير أن المقصود نفيه أصلا.

[٢ - نفي القيد]

قد ينفي القيد من مفعول، أو متعلق أو حال، أو صفة، أو غير ذلك من القيود كقولك (ما أكرمت محمدًا) و (ما رأيت خالدًا يوم الجمعة) و (ما أقبل خالد راكبًا) ونحو ذلك.


(١) انظر الخصائص ٣/ ١٦٥، البرهان ٣/ ٣٩٤ ـ، المثل السائر ٢/ ٦٥ - ٦٧
(٢) المثل السائر ٢/ ٦٥

<<  <  ج: ص:  >  >>