أ - فقد يدل نفي القيد على أن القيد لم يحصل، أما ما عداه فلا يدري أحصل أم لا، وذلك نحو قولك (ما أكرمت محمدًا) فإنك نفيت الإكرام عن محمد، وسكت عن غيره فقد تكون أكرمت غيره، أو لا تكون.
ومثله (ما رأيت محمدًا يوم الجمعة) فإنك نفيت رؤيته يوم الجمعة، وسكت عن رؤيته في الأيام الأخرى، فقد تكون رأيته في غير يوم الجمعة، ويحتمل أنك لم تره لا في يوم الجمعة ولا في غيره.
ونحوه (ما ذهبت إلى خالد) فأنت نفيت الذهاب إلى خالد، وسكت عن الذهاب إلى غيره، فقد تكون ذهبت إلى غيره، أو لا تكون.
ومثله الحال نحو (لم أسمع الطفل باكيا) فأنت نفيت سماعك الطفل باكيا، أما سماعه غير باك فأنت سكت عنه، فقد تكون سمعته أو لا تكون.
وقد يدل نفي القيد على رجحان حدوث الأصل، نحو قولك (ما شر بنا اليوم ماء باردًا) فالراجح في نحو هذا أنك شربت ماء غير بارد، وقد يراد به أنك لم تشرب شيئا وذلك كأن يكون المتكلم صائمًا وقد كان معتادا على شرب الماء البارد، فيقول (ما شربنا اليوم ماء باردًا).
ونحوه قولك (ما جاء اليوم أخوك راكبًا) فالراجح في نحو هذا أنه جاء غير راكب وإن كان من المحتمل أيضا احتمالا مرجوحًا، بأنه لم يجيء راكبا ولا غير راكب، وذلك كأن يكون من المعتاد أن يجيء أخوه راكبًا، فنفي هذه الهيئة بأكملها.
ب - الدلالة على نفي القيد وحده مع القطع بحدوث الأصل، وذلك إذا علم حدوث الأصل، نحو قوله تعالى:{وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين}[الأنبياء: ١٦]، فهذا إثبات لخلق السماء والأرض ونفي للعيب، ونحو قولك:(ما ماشي عمر على الأرض مختالا) فإنه أثبت المشيء ونفي الاختيال، ومنه في غير النفي.