للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويحتمل أن يكون معنى قول رؤبة (لا تشتم الناس كما لا تحب ان تشتم) وعلى أية حال فوظيفة (ما) هذه توسع دائرة الاستعمال، سواء أكانت مع حروف الجر أم مع غيرها، وذلك كما في الأحرف المشبهة بالفعل، فإنها إذا دخلت عليها (وما) هذه وسعت استعمالها فصارت تدخل على الأفعال والأسماء، بعد أن اكنت مختصة بالدخلو على الأسماء، وكما في (بعد) وبين، فهما مختصتان بالإضافة إلى الأسماء، فإذا دخلت عليهما (ما) هذه صح دخولها عن الجمل الفعلية والإسمية، تقول (بعد ما كان ملكا أصبح سوقة) قال الشاعر:

أعلاقة أم الوليد بعدما ... افنان رأسك كالثغام المخلس

وقيل (ما) مصدرية، ونحوه:

بينما نحن بالأراك معا ... أذ أتى راكب على جمله

وتقول: (بينما كنت سائرا، إذ طلع علي رجل مهيب الطلعة).

وكما في طال، وكثر وقل، فهي مختصة بالاسماء، تقول: طال السفر وقل الزاد، فإن دخلت عليها ما هيأتها للدخول على الأفعال، تقول: طالما اجتمعنا وقلما اتفقنا. وقيل هي مصدرية (١).

[ما غير الكافة]

تزاد ما غير كافة بعد طائفة من حروف الجر، وذلك بعد من، وعن، والباء ورب، والكاف فيبقي لها اختصاصها كما كان وذلك نحو قوله تعالى: {عما قليل ليصبحن نادمين} [المؤمنون: ٤٠]، وقوله: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم} [المائدة: ١٣]، وقوله: {مما خطيئاتهم أغرقوا فأخلوا نارا} [نوح: ٢٥]، وقول الشاعر:

ربما ضربة بسيف صقيل ... بين بصري وطعنة نجلاء


(١) انظر شرح الرضي ٢/ ٣٨٢، المغني ١/ ٣١١

<<  <  ج: ص:  >  >>