ثم إن المعنى بـ (أو) إن عليك إما نبيا وإما صديقا وإما شهيدًا، وكل واحد من هؤلاء له من الفضل والشرف ما ينبغي أن تسكن له.
وبالواو يحتمل المعنى أن السكون ينبغي أن يكون لاجتماع الثلاثة، لا أن كل واحد منهم ينبغي أن يتطامن له الجبل.
ونحو ذلك أن تقول:(ابتعد عنه فإنه لا يجالسه إلا لئيم أو مخادع) ومعنى ذلك أنه يجالسه هذان الصنفان من الناس وكل صنف منهما ينبغي أن يبتعد عنه، وإذا قلت ذلك بالواو احتمل أن يكون الذي يجالسه صنفا واحدًا اجتمعت فيه هاتان الخلصتان، واحتمل أن النهي كان لاجتماع الصنفين، لا أن كل صنف ينبغي أن يبتعد عنه فلو كان معه صنف واحد لما كان هذا النهي.
ونحوه قولك:(أصبحنا فإنه ليس معنا إلا فقيه أو ناسك) أي وكل صنف ينبغي أن يصحب، ولو جاء بالواو لاحتمل أنه شخص واحد أجتمع فيه الفقه والنسك، واحتمل أيضا أن يكون معهم شخصان فقط أحدهما فقيه والآخر ناسك.
وأما بـ (أما) فالمعنى أنهم كلهم ما بين فقيه وناسك، واحتمل أيضا أن الصحبة، إنما حسنت لاجتماع الصنفين ولو تفرد صنف لم يكن ثمة أمر بالصحبة، وهذا ظافر، فهي ليست بمعنى الواو تماما.
[أم وأو]
يستعمل الناس اليوم، حتى المتأدبون منهم (أم) و (أم) بمعنى واحد، فيقولون (أحضر محمد أو خالد) بمعنى (أحضر محمد أم خالد)؟ ويجيبون عن الاثنين بالتعيين فيقولون:(حضر محمد) أو (حضر خالد) وهذا غير صحيح، وذلك لأن السؤال بـ (أم) يقصد به التعيين ولا يقصد بـ (أو) ذلك، فإنك إذا قلت (أمحمد عندك أم خالد) كان المعنى أيهما عندك؟ ويكون الجواب (محمد) مثلا، وذلك أن السائل يعلم، أن أحدهما عنده ولكن لا يعلم من هو؟