للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في (شرح الرضي على الكافية): "وإنما قيل لعلم الفاعل رفع، لأنك إذا ضممت الشفتين لإخراج هذه الحركة، ارتفعتا عن مكانهما، فالرفع من لوزام مثل هذا الضم وتوابعه .. وكذلك نصب الفم تابع لفتحه، كأن الفم كان شيئا ساقطًا فنصبته، أي أقمته بفتحك إياه، فسمى حركة البناء فتحا وحركة الإعراب نصبًا.

وأما جر الفك الأسفل إلى أسف وخفضه، فهو ككسر الشيء، إذ المكسور يسقط ويهوي إلى أسفل فسمى حركة الإعراب جرًا، أو خفضًا وحركة البناء كسرًا .. ثم الجزم بمعنى القطع، والوقف والسكون بمعنى واحد، والحرف الجازم كالشيء القاطع للحركة أو الحرف فسمى الإعرابي جزمًا، والبنائي وقفًا أو سكونا" (١).

فالجر إذن هو جر الفك الأسفل إلى أسفل وسميت حروف الجر كذلك، لأن الاسم يأتي بعدها مجرورًا، ويسميها الكوفيون حروف الخفض، وهي المعنى نفسه فإن هذا خفض الفك الأسفل.

وعلى أية حال فهو اصطلاح ولا مشاحة في الإصطلاح.

[نيابة حروف الجر بعضها عن بعض]

ذهب جمهور الكوفيين إلى أن حروف الجر ينوب بعضها عن بعض، فقد تأتي (من) بمعني (على)، كقوله تعالى: {ونصرناه من القوم الذين كذبوا} [الأنبياء: ٧٧]، وقد تأتي بمعنى (عن) كقوله تعالى: {لقد كنت في غفلة من هذا} [ق: ٢٢].

وقد تأتي (الباء) بمعنى (عن) كقوله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع} [المعارج: ١]، وقد تأتي بمعنى (من)، كقوله تعالى: {عينا يشرب بها عباد الله} [الإنسان: ٦].

وقد تأتي (على) بمعنى (في)، كقوله تعالى: {ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها} [القصص: ١٥]، وقد تأتي بمعنى (عن) كقول الشاعر:


(١) الرضي ١/ ٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>