للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا رضيت علي بنو قشير ... لعمر الله أعجبني رضاها

إلى غير ذلك مما سيأتي بيانه.

ومذهب جمهور البصريين أن حروف الجر لا ينوب بعضها عن بعض، إلا شذوذا أما قياسًا فلا. وما أوهم ذلك فهو مؤول، أما على التضمين، أو على المجاز، كما في قوله تعالى: {ولأصلبنكم في جذوع النخل} [طه: ٧١]، فإن الكوفيين ذهبوا إلى أن (في) بمعنى (على)، وذهب البصريون إلى أنه ليس بمعنى (على) ولكن شبه المصلوب لتمكنه من الجذع بالحال في الشيء فهو من باب المجاز.

وأما عن شذوذ إنابة كلمة عن أخرى (١).

قالو ولا تصح إنابة حرف عن حرف كما لا تنوب حروف النصب والجزم عن بعضها (٢).

ثم لو كان ذلك قياسًا لصح أن تقول (سرت إلى زيد) وأنت تريد (معه) وأن تقول (زيد في الفرس) وأنت تريد عليه، وأن تقول (رويت الحديث بزيد) وأنت تريد عنه، ونحو ذلك مما يطول ويتفاحش (٣).

والحق أن الأصل في حروف الجر أن لا ينوب بعضها عن بعض، بل الأصل أن لكل حرف معناه واستعماله، ولكن قد يقترب معنيان أو أكثر من معاني الحروف، فتتعاور الحروف على هذا المعنى.

وإيضاح ذلك أن حرف الجر في العربية قد يستعمل لأكثر من معنى، (من) مثلا تستعمل لابتداء الغاية، وللتبعيض، ولبيان الجنس، وللتعليل وغيرها.


(١) انظر المغني ١/ ١١١، التصريح ٢/ ٤ - ٦، حاشية الخضري ١/ ٢٢٨ - ٢٢٩
(٢) المغني ١/ ١١١، حاشية الخضري ١/ ٢٢٨
(٣) الخصائص ٢/ ٣٠٨، وانظر الفروق اللغوية ١٣ - ١٤، ابن يعيش ٨/ ١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>