قد يشتهر علم من الأعلام بصفة من الصفات فيذكر بقصد استحضار صفته، لا بقصد ذكر المسمى وذلك كاشتهار حاتم بالجود، وفرعون بالتحبير، وقارون بالغنى، وعنترة بالشجاعة، فيقال (هو حاتم هذا العصر) أي هو جواد هذا العصر، ويقال:(هو فرعون الأمة) أي الظالم المتجبر فيها.
والنحاة في نحو هذا على تأولين:
الأول أن تقدر كلمة (مثل) فيكون المعنى في قولنا (هو حاتم جودا) هو مثل حاتم.
الثاني: أن تستخلص الصفة التي اشتهر بها صاحب العلم فيقال: هو جواد أو هو ظالم.
جاء في الخصائص في قول الشاعر:
أنا أبو المنهال بعض الأحيان ... ليس علي حسبي بضؤلان
يحتمل أمرين:
أحدهما أن يكون أراد: أنا مثل أبي المنهال ..
والآخر أن يكون قد عرف من أبي المنهال هذا الغناء والنجدة، فإذا ذكر فكأنهما قد ذكرا فيصير معناه إلى أنه كأنه قال: أنا المغني في بعض الأحيان. أفلا تراك كيف انتزعت من علم الذي هو (أبو المنهال) معنى الصفة والفعلية .. وقد مر بهذا الموضع الطائي الكبير فأحسن فيه واستوفى معناه فقال:
فلا تحسبن هندا لها الغدر وحدها ... سجية نفس كل غانية هند
فقوله (كل غانية هند) متناه في معناه وآخذ لأقصى مداه. ألا ترى أنه كأنه قال: كل غانية غادرة أو قاطعة، أو خائنة أو نحو ذلك .. ومنه قول الآخر: