للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العموم في الخبر]

لابد في جملة الخبر من رابط يربطها بالمبتدأ (١) وقد يكون الرابط ضميرا نحو (محمد أخوه مسافر) وقد يكون اسم إشارة نحو: {ولباس التقوى ذلك خير} [الأعراف: ٢٦]، وقد يكون الرابط العموم ومعنى العموم أن يكون الخبر عامًا يدخل فيه المبتدأ. تقول مثلا: "الذي يعتدي على سعيد إنا سنعاقب الظالمين" ولم تقل: أنا سنعاقبه، وثمة فرق بين التعبيرين فإنك إذا قلت سنعاقبه انصرف العقاب عليه وحده. وأما قولك سنعاقب الظالمين فإن العقوبة تنصرب فيه إلى كل ظالم، ولم تختص بالمعتدي على سعيد وحده وبذلك يكون الكلام أوسع وأشمل. وتقول من ضرب زيدًا سنعاقبه، وهناك فرق بين القولين فقولك سنعاقبه يختص بمن ضرب زيدًا، دون غيره فليس هناك إشارة لمن ضرب خالدًا مثلا، أو لمن فعل فعله، فإذا قلت أنا للمعتدين بالمرصاد شمل كل معتد ودخل ضارب زيد في زمرة المعتدين.

قال تعالى: {والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين} [الأعراف: ١٧٠]، ولم يقل أجرهم فبالعدول إلى العموم أفاد فائدتين: أحداهما أن هذا الصنف هم من المصلحين.

والأخرى أن الأجر لا يختص بهؤلاء الصنف من الناس، وإنما يشمل كل المصلحين فدخل فيه هؤلاء وغيرهم من الصلحين. قال ابن القيم في هذه الآية أنه "لم يقل أجرهم تعليقا لهذا الحكم بالوصف وهو كونهم مصلحين وليس في الضمير ما يدل على الوصف المذكور" (٢).


(١) إذا لم يكن الخبر عين المبتدأ نحو: (قولي: الله حسبي) فجملة الله حسببي هي قولي نفسه.
(٢) بدائع الفوائد ٢/ ٤٧ - ٤٨

<<  <  ج: ص:  >  >>