للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أنت هذا]

وأما (أنت هذا) فهو أخبار عن الضمير واسم الإشارة، ومن ذلك أن تقول:

أنت ذلك الرجل الكريم.

أنت ذلك الشاعر الفحل.

أنت ذلك الشخص الذي نعلم، مخبرا عن الضمير بما تعلم عنه.

وتقول: (أنت هذا تفعل كذا وكذا) منكرا عليه فعله أو مستغربا منه. والمعنى أن المتوقع منك كان غير ذلك. ونحو ذلك أن تقول: (كنت قد أعنتك حين لم يكن لك معين وأخذت بيدك حين تنكر لك أهلك ثم أنت هذا تحاربني وتسعى في هلاكي) فأنت تعجب من فعله وتنكره لك إذا ينبغي أن يعرف لك فضلك وحسن صنيعك.

وتقول: (كنت تفعل وتفعل فأمكن الله منك وأعطيت العهود والمواثيق على ألا تعود إلى ما كنت عليه ثم أنت هذا تعيث وتفسد) ومثل هذا قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم} [البقرة: ٨٤ - ٨٥]، ينكر عليهم فعلهم بعد إعطاء المواثيق، جاء في (الكشاف) في هذه الآية: ثم أنتم هؤلاء، استبعاد لما اسند إليهم من القتل والإجلاء والعدوان بعد أخذ الميثاق منهم وإقرارهم وشهادتهم.

والمعنى ثم أنتم بعد ذلك هؤلاء المشاهدون، يعني أنكم قوم آخرون غير أولئك المقرين تنزيلا لتغير الصفة منزلة تغير الذات كما تقول: رجعت بغير الوجه الذي خرجت منه" (١).


(١) الكشاف ١/ ٢٢٥

<<  <  ج: ص:  >  >>