للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والصواب: أنها بمعناها فمعنى أنهم يرون البعث بعيدًا أنهم يرونه كذا في اعتقادهم. والإنسان قد يعتقد رأيا ضالا ويرى إنه عين الصواب. ويدافع عنه ويموت في سبيله، فهم يرونه ممتنعا في حقيقته أولا. جاء في (شرح الرضي على الكافية) أن رأي " للاعتقاد الجازم في شيء أنه على صفة معينة سواء كان مطابقا أولا. فإذا كان بالمعنى المذكور وليته الاسمية المجردة عن (إن) نصب جزءيها نحو (رأيت زيدا غنيا) سواء كان في نفس الأمر غنيا أو لا، قال تعالى {يرونه بعيدا} وهو غير مطابق، و (نراه قريبا) وهو مطابق" (١).

[أرى]

وقد استعمل (أرى) مبنيا للمجهول بمعنى الظن، كما يقول النحاة، ولم يستعمل بمعنى العلم (٢) كأن تقول: أرى الأمر مضاعا.

والذي يبدو لي أنها بمعناها وأنها مبنية للمجهول، وأن الفرق بين قولك (أرى الأمر مضاعا) بالبناء للمعلوم وقولك (أرى الأمر مضاعا) بالبناء للمجهول، إن المبني للمعلوم أنك ترى هذا الأمر بنفسك، وإن هذا الأمر بمنزلة ما تراه بعينك.

أما قولك (أرى الأمر مضاعا) فكأن هناك من يريد هذا الأمر، ولست تراه، أي لم تتبينه تبين الأمر الأول، ومن هنا جاء معنى الظن الذي يذكره النحاة.

[ألم تر؟]

تستعمل العرب هذا التعبير بمعنيين:

أحدهما هو السؤال عن الرؤية البصرية أو القلبية كأن تقول: ألم تر خالدا اليوم؟ أو تقول: ألم تر الأمر كما رأيته؟

والآخر بمعنى: (ألم تعلم) و (ألم ينته علمك) وهي كلمة تقولها العرب عند التعجيب قال تعالى: {ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله} [النحل: ٧٩]، وقال: {أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم} [الشعراء: ٧].


(١) الرضي على الكافية ٢/ ٣٠٧
(٢) الرضي على الكافية ٢/ ٣٠٧، حاشية الصبان ٢/ ١٩، حاشية التصريح ١/ ٢٤٨

<<  <  ج: ص:  >  >>