وقد يعنيك ذكرهما كليهما، فتنيب ما كان ادخل في عنايتك، فتقول (أكر خالد مالا كثيرا) وقد يعنيك ذكر الفاعل أيضا، فتقول:(أكرم محمود خالدا مالا كثيرا) بالبناء للفاعل وهكذا
[فعل وانفعل]
ويرى قسم المعنيين بهذا العلم أن معنى (فعل) و (انفعل) واحدُ، وأن (الزجاجة) في قولنا (كسرت الزجاجة) فاعل، كما في (انكسرت الزجاجة) أو نقول إن كليهما نائب فاعل.
والظاهر أن الأمر على خلاف ذلك ففي (فُعل) دافع خارجي بخلاف (انفعل) الذي يبدو فيه الفعل كأنه حصل ذاتيا.
ألا تحس أن ثمة فرقا بين قوله تعالى:{وغيض الماء وقضي الأمر}[هود: ٤٤]، وقوله (انغاض الماء وانقضي الأمر؟ ) ففي الأولى تحس كأن هناك يدا خفية غاضت الماء بخلاف انغاض، وكأن هناك قاضيا قضي الأمر وحسمه، بخلاف (انقضى الأمر) فإنه كأنه تصرم من نفسه.
ثم انظر إلى قوله تعالى:{وإذا البحار فجرت}[الإنفطار: ٣]، وإلى قوله:{اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثتنا عشرة عينا}[البقرة: ٦٠].
فإن انفجار الماء من الصخرة حدث ذاتيا، بخلاف قوله (فجرت) الذي يفيد أن مفجرًا فجرها، ألا ترى فرقا بين قولك (انفجر الماء من الصخرة)، و (فجر الماء من الصخرة)؟ فأنت تفهم أن الانفجار في الأولى حصل ذاتيا، وفي الثانية حصل بمفجر خارجي.
ثم ألا تحس فرقا بين قولك (فرط العقد)، و (انفرط العقد)، وقولك (بعث إليه)؟ فإن قولك (بُعث) يفيد أن هناك باعثا بعث، وأما انبعث فهو انبعاث داخلي من النفس، قال تعالى:{إذ انبعث أشقها}[الشمس: ١٢]، أي ذهب من نفسه، بخلاف قوله تعالى: