للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: أنه "لما ذكر في الأول جنات متعددة لا جنة واحدة وقال (١) يدخله والضمير المنصوب في يدخله وإن كان مجموعًا في المعنى، فهو في اللفظ مفرد، من حيث هو مفرد والمفرد من حيث هو مفرد، لا يصح أن يكون في جنات متعددة معًا، فجاء خالدين لرفع هذا الإيهام اللفظي هو اعتبار لفظي ومناسبة لفظية وإن كان المعنى صحيحًا. أما الآية الثانية فذكر فيها نارًا مفردة فناسبها الأفراد في خالدًا" (٢).

وعلى كل فلابد من سب يدعو إلى ذلك.

[من وما والذي]

إن كلا من (ما) و (من) و (الذي) اسم موصول، غير أنها لا تتطابق في المعنى والاستعمال، فقد عرفنا أن (من) غير (ما) وأنهما غير (الذي) وقد تستعمل (الذي) في تعبير لا تستعمل فيه من أو ما والعكس صحيح.

١ - فقد عرفنا إن (الذي) وضع وصلة لوصف المعارف بالجملة، فهو في الأصل صفة بخلاف من وما بخلاف من وما فإنهما لا يقعان صفة (٣) لأن المراد بهما الذوات. وليس معنى قولنا السابق إن (ما) تقع على صفات من يعقل، أنها تقع نعتًا له، بل المعنى أنها تقع على ذات متصفة بوصف ما من صفات العقلاء، ولذا تقع (الذي) في تعبيرات لا يصح وقوع من وما فيها فلا يصح في قوله تعالى مثلا: {اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم} [البقرة: ٤٠]، أن يقال: اذكروا نعمتي ما أنعمت عليكم ولا في قوله: {وفعلت فعلتك التي فعلت} [الشعراء: ١٩]، أن يقال: وفعلت فعلتك ما فعلت.

٢ - إن كلا من (مَنْ) و (ما) اسم موصول مشترك في المفرد، والمثنى، والجمع، المذكر والمؤنث، بخلاف الذي فإنه مختص بالمفرد والمذكر.


(١) كذا ولعل الأصل (قال) بحذف الواو
(٢) حاشية يس على التصريح ١/ ١٤٠
(٣) حاشية الصبان ١/ ١٠٧

<<  <  ج: ص:  >  >>