للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما قوله إن كل ظن دخلت عليه أن الناصبة للفعل فهو شك فيرده قوله تعالى: {ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة} [القيامة: ٢٤ - ٢٥]، وهذا موطن يقين لا موطن شك.

يظهر مما مر أن الأصل في الظن، أن يكون شكًا وذلك قوله تعالى: {إن نظن إلا ظنا وما نحن بمستيقنين} [الجاثية: ٣٢]، وهذا الظن يتردد بين القوة والضعف، فقد يكون ضعيفا قريبا من الوهم، وقد يقوى حتى يقرب من اليقين، بل يكون يقينا كما يقول النحاة، وذلك نحو قوله تعالى: {إني ظننت أني ملاق حسابيه} [الحاقة: ٢٠]، وقوله: {قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله} [البقرة: ٢٤٩].

والذي يبدو لي أن ابقاءها على معناها ما أمكن أولى، وما ذكر من معاني اليقين يمكن تأويله فقوله تعال - مثلا {قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله} يمكن أن يكون معناه: الذين وظنوا أنفسهم على الثبات في ساحة القتال وظنوا أنهم سيلاقون ربهم في هذه الوقعة، وقوله: {إني ظننت أني ملاق حسابيه} يعني إني ملاقيه على هذا الحال وهي حال السعادة، وهذا موطن الظن لا العلم، وقوله: {ورءا المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها} [الكهف: ٥٣]، بمعنى أنهم لم ييأسوا من أن يخفف الله عنهم، ولكن الظن الراجح أنهم سيواقعون النار، وقوله: {وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه} [التوبة: ١١٨]، بمعنى انهم يطمعون في رحمة الله والتوبة عليهم، وهذا موطن ظن لا يقين، ونحوه ما ذكره في بقية الآيات وغيرها.

وأظنك تحس الفرق بين كلمتي ظن وعلم في مثل هذه المواطن.

[حسب]

يراد به الاعتقاد الراجح ومعناه الظن - كما يقول النحاة - نحو: حسبت زيدا صاحبك وكقوله تعالى: {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} [البقرة: ٢٧٣]، وقد يستعمل لليقين قليلا كقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>