قال أبو حيان: والأصل في هذه التفرقة قوله تعالى: {قالوا سلاما قال سلام}[هود: ٦٩]، فإن الأول مندوب والثاني واجب.
والنكتة في ذلك أن الجملة الإسمية أثبت وآكد من الفعلية" (١).
[أنواع الخبر]
يقسم النحاة الخبر إلى مفرد وجملة وأما شبه الجملة فيحلق تارة بالمفرد وتارة بالجملة بحسب التقدير، فما الفرق بين أضرب الخبر هذه؟
لقد مر الفرق بين قولنا: زيد قائم، وزيد يقوم، ويقوم زيد. وعرفنا أن الأصل في الجملة الدالة على الحدوث أن يتقدم الفعل فتقول (يقوم زيد) فإذا قدت زيدًا، كان ذلك لسبب من أسباب التقديم التي ذكرناها، كالتخصيص والاهتمام ونحوها. وأن الأصل في الجملة الدالة على الثبوت أن نأتي بالمبتدأ ثم الخبر فنقول (زيد قائم) وبهذا اتضح الفرق بين الخبر المفرد والأخبار بالجملة الفعلية.
وأما الأخبار بالجملة الإسمية فهو واضح فأنت تقدم المبتدأ لتخبر عنه، لكن الخبر بدل أن يأتي مفردًا يأتي جملة أي يكون المسند جملة فتقول مثلا (إبراهيم أخوه قائم) فأخبرت عن إبراهيم بجملة إسمية، ويقال في هذه الجملة ما قيل في جملة المبتدأ والخبر. فإن قلنا (إبراهيم أخوه يعيله) كانت جملة الخبر من باب تقديم المسند إليه لغرض من أغراض التقديم، كالتخصيص ونحوها وإن قلت (إبراهيم قائم أخوه) كان في الخبر احتمالان، الأول إنه من باب الأخبار بالمفرد، ولكن أريدت الدلالة على الثبوت في نسبة القيام إلى الأخ.
والثاني إنه من باب تقديم الخبر (قائم) على المبتدأ الثاني (أخوه) للأغراض التي سبق أن ذكرناها.