للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحدوث، فرفعوا (سلام) وكذا أصل (ويل لك)، هلكت ويلا أي هلاكًا، فرفعوه بعد حذف الفعل نفضا لغبار معنى الحدوث" (١).

وجاء في (الكشاف) في قوله تعالى: {ويل يومئذ للمكذبين} [المرسلات: ١٥]، "فإن قلت: كيف وقع النكرة مبتدأ في قوله تعالى {ويل يومئذ للمكذبين} قلت: هو في أصله مصدر منصوب ساد مسد فعله ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه ونحوه سلام عليكم" (٢).

قال الأشموني: " أصل (الحمد لله) أحمد أو حمدت حمدًا لله. فحذف الفعل اكتفاء بدلالة مصدره عليه ثم عدل إلى الرفع لقصد الدلالة على الدوام والثبوت، ثم أدخلت عليه (أل) لقصد الاستغراق" (٣).

وقال الصبان تعليقا على هذا القول: " هذا يقتضي أنه لو لم يعدل إلى الرفع لانتفت الدلالة على الدوام، وهو كذلك كما صرح به الرضى في باب المبتدأ لأن بقاء النصب صريح في ملاحظة الفعل، وتقديره وهو يدل على التجدد فلا يستفاد الدوام إلا بالعدول إلى الرفع" (٤).

وعلى هذا وضعت قواعد فقهية، قال ابن عطية: " سبيل الواجبات الإتيان بالمصدر مرفوعًا كقوله تعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة: ٢٢٩]، {فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} [البقرة: ١٧٨].

وسبيل المندوبات الإتيان به منصوبا كقوله تعالى: {فضرب الرقاب} [محمد: ٤]، ولهذا اختلفوا هل كانت الوصية للزوجات واجبة لاختلاف القراءة في قوله (وصية لأزواجكم) بالرفع والنصب.


(١) الرضى على الكافية ١/ ٩٦ - ٩٧
(٢) الكشاف ٣/ ٣٠٢
(٣) الأشموني ١/ ٩ - ١٠
(٤) حاشية الصبان ١/ ٩ - ١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>