للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم} [المجادلة: ٢]، فنفي مرة بما ومرة بإن - فإنه لما أراد الإكار لى هؤلاء المظاهرين (١) من الرجال وأراد أن يرجعهم إلى حقيقة كأنهم جلهوها قال منكرًا عليهم (إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم) وقال: {ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون} [يس: ١٥]، فإن نفي الثاني أقوى فجاء به بإن، فإن الأول إثبات البشرية والثاني الكذب، وهم بشر لا شك في ذلك فجاء به بما. والثاني إثبات الكذب للرسل عليهم السلام وإنكار أن يكونوا صادقين وهو يحتاج إلى توكيد أكثر فجاء به بأن.

قال مجاهد: " كل شيء في القرآن (إن) فهو إنكار" (٢)، وقال الراغب: " وأكثر ما يجيء يتعقبه (إلا) نحو {إن نظن إلا ظنا} [الجاثية: ٣٢]، {إن هذا إلا قول البشر} [المدثر: ٢٥]، {إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء} [هود: ٥٤]. (٣)

وقال برجشتر اسر: " وإن تكاد تطابق (ما) في وظيفتها وأكثر وقوعها قبل (إلا) للجناس بينهما نحو (إن الحكم إلا لله) [يوسف: ٤٠] ". (٤)

وهذه الملاحظة جديرة بالانتباه وهي تؤيد ما ذهبنا إليه فإن القصر بالنفي (وإلا) يعطي النفي قوة وتوكيدًا، فلما كانت (إن) أكثر من (ما) في ذلك دل على أنها أقوى منها.

[لا]

وهي أقدم أدوات النفي في العربية ويقابلها في الأكدية والآرامية (la) وفي العبرية (ةا) (٥) وقد أنكر كثير من النحاة إعمال (لا) عمل ليس، وقال الآخرون هو قليل خاص بلغة أهل الحجاز، والغالب على خبرها أن يكون محذوفا، حتى قيل هو لازم الحذف


(١) الظهار هو أن يقول الرجل لزوجه: أنت علي كظهر أمي فتحرم عليه وهي عادة جاهلية أبطلها الإسلام
(٢) الاتقان ١/ ١٥٥
(٣) مفردات الراغب ٢٧
(٤) التطور النحوي ١١٥
(٥) التطور النحوي ١١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>