أما تقديم الحال على صاحبها النكرة فليس لتسويغ الحالية، وإنما هو لغرض من أغراض التقديم، وهو الاهتمام، فإنك تقول (جاءني طالب مقصرا) فإن اهتممت بالحال قلت (جاءني مقصرا طالب) كما هو معلوم من أغراض التقديم.
[تقديم الحال]
إن التعبير الطبيعي هو أن يتقدم الفعل ثم صاحب الحال ثم الحال، فتقول (حضر محمد ماشيا).
فإن كان السامع يعنيه مشي محمد وذلك كأن يكون محمد مكسور الساق أو حصل له مرض أقعده عن المشي قدمت ما هو أهم، وأنت بشأنه اعني، لأن العرب يقدمون ما هو اهم، لهم وهم ببيانه أعني، كما يقول سيبويه فتقول:(حضر ماشيا محمد) ونحوه أن تقول (أقبل مضروبا خالد) وذلك إذا كان ضرب خالد أهم.
فإن كان السامع يظن أن محمدًا حضر راكبا لا ماشيا، قدمت الحال على فعلها لإزالة الوهم من ذهنه ولإرادة معنى التخصيص، فتقول (ماشيا قدم محمد) أي لم يقدم على الحال غيرها، فهو لم يقدم راكبا مثلا.
وهذا شأن التقديم عموما، فإنك تقدم لغرض من الأغراض، فقد يكون ذلك للتعجب والتفاؤل والتشاؤم والتهويل والتخصيص وغير ذلك من الاغراض التي ذكرناها في أكثر من موضع، جاء في (شرح المختصر للتفتازاني): " ومثل (زيدا عرفت) في إفادة الاختصاص قولك (بزيد مررت) .. أمن اعتقد أنك مررت بإنسان وأنه غير زيد، وكذلك يوم الجمعة سرت، وفي المسجد صليت، وتأديبا ضربته، وماشيا حججت، والتخصيص لازم للتقديم غالبا "(١).