للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحال الجملة

تقع الحال جملة كما تقع مفردا، تقول (أقبل أخوك يضحك) و (أقبل أخوك وهو يضحك) كما تقول: (أقبل ضاحكا) ويشترط النحاة أن تكون جملة الحال خبرية خالية من دليل استقبال أو تعجب (١)، فلا يصح أن تقع الجملة الإنشائية حالا، فلا تقول: (أقبل محمد وهل هو راكض؟ )، على أنها حال، كما لا يصح عند النحاة أن تكون الجملة المصدرة بدليل استقبال حالا فلا تقول (حضر محمد سيكتب) على أنها حال، وقوله تعالى: {وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين} [الصافات: ٩٩]، ليست الجملة (سيهدين) فيه حالا. جاء في (شرح الرضي): " ويشترط في المضارع الواقع حالا خلوه من حروف الاستقبال، كالسين ولن ونحوهما، ولك أن الحال الذي نحن في بابه، والحال الذي يدل عليه المضارع، وإن تباينا حقيقة لأن في قولك مثلا (اضرب زيدا غدا يركب) لفظ (يركب) حال بأحد المعنيين، غير حال بالآخرة، لأنه ليس في زمان المتكلم، لكنهم التزموا تجريد صدر هذه الجملة، أي المصدرة بالمضارع من علم الاستقبال، لتناقض الحال والاستقبال في الظاهر وإن لم يكن التناقض ههنا حقيقيا" (٢).

وهذا التعليل غير مقبول، وذلك أنه إذا أقر النحاة أن تكون هناك حال مقدرة، وهي التي يكون وقوعها بعد وقوع عاملها، فلا داعي لهذا الشرط، لأن المصدرة بدليل استقبال، ليست إلا كذلك قال تعالى: {أن الله يبشرك بيحيى مصدقا بكلمة من الله وسيدنا وحصورا ونبيا من الصالحين} [آل عمران: ٣٩]، وهذه الأحوال مقدرة لأنها بعد التبشير، ولذا ترى أن كل ما احتمل أن يكون حالا في المعنى مما صدر بدليل استقبال، صح أن يكون كذلك، وذلك نحو (عرفت محمدا إن تستعنه أعانك) فجملة الشرط حال، وهي مصدرة بدليل استقبال، وتقول (مالك لا تذهب)؟ و (لا) عند النحاة تفيد الاستقبال وإن كان لنا فيها رأي آخر قال تعالى: {وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه} [يس: ٢٢]، فجملة (لا أعبد) حالية، والله أعلم.


(١) الهمع ١/ ٢٦٦، التصريح ٣٨٩ - ٣٩١
(٢) الرضي على الكافية ١/ ٢٣٠، وانظر الأصول ١/ ٢٦١ - ٢٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>