للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" والمفعول الساقط من لا يبصرون من قبيل المتروك المطروح الذي لا يلتفت إلي اخطاره بالبال، لا من قبيل المقدر المنوي، كأن الفعل غير متعد أصلا نحو (يعمهون) في قوله: {ويذرهم في طغيانهم يعمهون} (١). [الأعراف: ١٨٦].

[حذف مفعول فعل المشيئة]

حذف مفعول فعل المشيئة كثير في كلام العرب، وقد ذكر النحويون والبيانيون نحو قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بمسعهم وأبصارهم} [البقرة: ٢٠]، وقوله: {ولو شاء ربك ما فعلوه} [الأنعام: ١١٢]، والتقدير: لو شاء الله أن يذهب بسمعهم وأبصارهم، ولو شاء ربك أن لا يفعلوه ما فعلوه، ولا يكاد يذكر المفعول إلا إذا كان أمرا عظيما أو غريبًا كأن تقول: (لو شاء أن يبني قصرا من ذهب لفعل)، جاء في (دلائل الإعجاز): " وإذا استقريت الأمر وجدت الأمر كذلك أبدًا، متى كان مفعول المشيئة أمرا عظيما أو بديعا غريبا كان الأحس أن يذكر ولا يضمر، يقول الرجل يحبر عن عزة نفسه: لو شئت أن أراد على الأمير رددت، ولو شئت أن ألقي الخليفة كل يوم لقيت، فإذا لم يكن مما يكبره السامع فالحذف كقولك: لو شئت خرجت، ولو شئت قمت، ولو شئت أنصفت، ولو شئت لقلت، وفي التنزيل: {لو نشاء لقلنا مثل هذا} [الأعراف: ١٨٦].

وكذا الحكم في غيره من حروف المجازاة تقول: إن شئت قلت: وإن اردت دفعت قال الله تعالى: {فإن يشأ الله يختم على قلبك} [الشورى: ٢٤]، وقال عز اسمه {من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم} (٢) [الأنعام: ٣٩].

وجاء في (الكشاف): في قوله تعالى: {ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم} [البقرة: ٢٠]، "ومفعول (شاء) محذوف لأن الجواب يدل عليه، والمعنى ولو شاء الله ان يذهب بسمعهم وأبصارهم لذهب بها. ولقد تكاثر هذا الحذف في شاء، وأراد لا يكاد يبرزون المفعول إلا في الشيء المستغرب كنحو قوله:


(١) الكشاف ١/ ١٥٥
(٢) دلائل الإعجاز ١٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>