للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاء في (المغني): " جرت عادة النحويين أن يقولوا: يحذف المفعول اختصارا واقتصارا. ويريدون بالاختصار الحذف لدليل، وبالاقتصار الحذف لغير دليل، ويمثلونه بنحو {كلوا واشربوا} [الطور: ١٩]، أي أقعوا هذين الفعلين وقول العرب فيما يتعدى إلى اثنين (من يسمع يخل) أي تكن منه خيلة.

والتحقيق أن يقال أنه تارة يتعلق الغرض بالإعلام بمجرد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه عليه، فيحاء بمصدره مسندا، إلى فعل كون عام، فيقال: حصل حرق أو نهب. وتارة يتعلق بالإعلام بمجرد إيقاع الفاعل للفعل فيقتصر عليهما، ولا يذكر المفعول، ولا ينوي إذا المنوي كالثابت، ولا يسمى محذوفا لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة مالا مفعول له، ومنه {ربي الذي يحيى ويميت} [البقرة: ٢٥٨]، {هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون}، {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} [الأعراف: ٣١]، {وإذا رأيت ثم} [الإنسان: ٢٠]، إذ المعنى ربي الذي يفعل الإحياء والإماتة، وهل يستوي من يتصف بالعلم، ومن ينتفي عنه العلم، وأوقعوا الأكل والشرب، وذورا الإسراف، وإذا حصلت منك رؤية هنالك.

وتارة يقصد إسناد الفعل إلى فاعله، وتعليقه بمفعوله، فيذكران نحو: {لا تأكلوا الربا} [آل عمران: ١٣٠].

{ولا تقربوا الزنا} [الإسراء: ٣٢]، وقولك ما أحسن زيدا، وهذا النوع إذا لم يذكر مفعوله قيل محذوف نحو: {ما ودعك ربك وما قلى} [الضحى: ٣]

وقد يكون في اللفظ ما يستدعه فيحصل الجزم بوجوب تقديره، نحو {أهذا الذي بعث الله رسولا} [الفرقان: ٤١]، (وكلا وعد الله الحسنى)

حميت حمى تهامة بعد نجد ... وما شيء حميت بمستباح (١)

وجاء في (الكشاف) في قوله تعالى: {وتركهم في ظلمات لا يبصرون} [البقرة: ١٧]


(١) المغني ٢/ ٦١١ - ٦١٢

<<  <  ج: ص:  >  >>