الثالث: أن يتعاند متعاطفاها نحو (أقبل رجل لا امرأة) بخلاف (أقبلت هند لا امرأة) لأن هندا امرأة (١).
[العطف على اللفظ والمعنى]
الأصل أن يعطف على اللفظ، نحو (أقبل محمد وخالد)، وقد يعطف على المعنى ويدخل تحت هذا ما يسميه النحاة العطف على النحو والعطف، على التوهم، فمن الأول قولهم (ليس زيد بقائم ولا قاعدا) قالوا: إن (قاعدا) معطوف على محل (قائم) وذلك أنه خبر (ليس) وحقه النصب.
ومن الثاني قوله:
مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة ... ولا ناعب الا ببين غرابها
عطف (ناعب) على توهم وجود الباء في خبر (ليس)(مصلحين) لأنه يكثر دخولها على خبرها.
والحق أن هذا كله من باب العطف على المعنى، فقولنا (ليس زيد بقائم ولا قاعدا) المعطوف فيه ليس على أرادة الباء، ومعنى ذلك أن الخبر مؤكد والمعطوف غير مؤكد فإنك نفيت القيام نفيا مؤكدا، ونفيت القعود نفيا غير مؤكد، فإذا جررت المعطوف فقلت (ليس محمد بقائم ولا قاعد) كان نفي القعود مؤكدا أيضا كنفي القيام.
ومن العطف على المعنى قولنا:(إن محمدًا حاضر وأخوه) وقوله تعالى: {إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى}[المائدة: ٦٩]، وسبب رفع المعطوف أنه على غير إرادة (أن) ومعنى لك أن الاسم مؤكد والمعطوف غير مؤكد، ولو نصبنا المعطوف فقلنا (أن محمدًا حاضر وأخاه) لكان مؤكدا أيضا كتأكيد المعطوف عليه.
ومثله (ما كان محمد قاعدا ولا أخوه نائم) فإن الثانية على غير إرادة (كان) فيكون زمن الأولى المضي بخلاف زمن الثانية.