للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الغرض من الاعراب]

للاعراب أغراض وفوائد منها مالا يمكن الاستغناء عنه ومنها ما فيه نفع كثير للغة وأهلها، حرمت منه اللغات المبنية، وأهم هذه الاغراض وهي:

١ - الإبانة عن المعاني: ذلك لأن الأصل في الاعراب، أن يكون للإبانة عن المعاني كما ذكرنا فإنه إذا كانت الجملة غفلا من الاعراب، احتملت معاني عدة فإن أعرب تعين معناها: " يدلك على ذلك أنك لو قلت: (ما أحسن زيدا) لكنت متعجبا، ولو قلت: (ما أحسن زيدا) لكنت نافيا: ولو قلت: (ما أحسن زيد) لكنت مستفهما عن أي شيء منه حسن، فلو لم تعرب في هذه المواضع لالتبس التعجب بالنفي، والنفي بالاستفهام، واشتهبت هذه المعاني بعضها ببعض وإزالة الالتباس واجب" (١).

ومن ذلك ما ذكرناه في جملة (اكرم الناس أحمد).

ويذكر النحاة أمثلة كثيرة لاختلاف المعاني باختلاف الاعراب، من ذلك قولهم: " بكم ثوبك مصبوغا؟ ، وبكم ثوبك مصبوغ؟ وبينهما فرق يختلف المعنى فيه، وهو إنك إذا نصبت مصبوغا كان انتصابه على الحال، والسؤال واقع عن ثمن الثوب وهو مصبوغ، وإن رفعت مصبوغا رفعته على أنه خبر المبتدأ، الذي هو ثوبك وكان السؤال واقعا عن أجرة الصبغ، لا عن ثمن الثوب (٢).

ومن ذلك وله تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} [القمر: ٤٩]، بنصب (كل) إذ لو تغيرت علامة إعرابها لتغير المعنى، قال السيرافي ما ملخصه: " فإن قال قائل: قد زعمتم أن نحو: (إني زيد كلمته) الاختيار فيه الرفع، لأنه جملة في موضع الخبر، فلم اختبر النصب في (إنا كل شيء خلقناه بقدر) وكلام الله تعالى أولى بالاختيار؟


(١) أسرار العربية ٣٤ - ٣٥
(٢) درة الغواص ١٩٤، وانظر منثور الفوائد للأنباري ١١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>