وأما في آية البقرة فليس المقام كذلك، فلم يذكر أن ثمة جهة أخرى تقوم بالتحليل والتحريم، وإنما الكلام على ما رزق الله عباده من الطيبات، فقال:{يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا} وقال بعدها: {يأيها الذين أمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله}[البقرة: ١٧٢ - ١٧٣].
فلما كان المقام الرزق والطعام والأمر بأكل الطيبات قدم (به) والضمير يعود على ما يذبح وهو طعام مناسبة للمقام، والله أعلم.
[تعلق الجار والمجرور]
يرى النحاة أن الجار والمجرور ومثله الظرف لابد أن يتعلق بفعلٍ، أو بما يشبه الفعل، أو ما هو بمعناه، فالمتعلق بالفعل نحو (سرت في الطريق) وشبه الفعل نحو (أنا سائر في الطريق) فهو متعلق باسم الفاعل وهو شبيه بالفعل، ومثله اسم المفعول وبقية المشتقات والمصدر، وما هو بمعنى الفعل نحو (أين أنت مني) لأن معنى (أين أنت) بعدت (١). ونحو (هو أسد في المعركة) أي شجاع (وهو فرعون على قومه) أي ظالم، وكقوله:
وإن لساني شهدة يشتفي بها ... وهو على من صبه الله علقم
فـ (على) متعلقة بعلقم لتأوله بصعب أو شاق، أو شديد.
ومثال تعلق الظرف بالفعل (جلس بينكم) وتعلقه بشبهه، نحو (أنا متحدث معكم). ومثال تعلقه بما هو بمعناه قوله: