للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله:

أنا ابن ماوية إذ جد النقر ... وجاءت الخيل أثافي زُمَر

فتعلق (بعض) و (إذ) بالاسمين العلمين، لما فيهما من معنى، قولك الشجاع أو الجواد (١).

فإن لم يكن في الجملة ما يصح تعلقه به، قدر له متعلق مناسب، نحو (هو في الدار) أي كائن في الدار، ونحو (النفس بالنفس، والسن بالسن) أي النفس مقتولة بالنفس، والسن مقلوعة بالسن، ونحو (من لي بهذا) أي (من يتكفل لي بهذا؟ ).

ومعنى التعلق الارتباط، ويكون التعلق بما فيه صحة المعنى (٢). فقولك مثلا (شبهت خالدا وهو يجود بماله بالبحر) يكون فيه (بالبحر) متعلقا - أي مرتبطًا - بشبهت لا بيجود، إذ لو علقته بيجود لصار المعنى (يجود بالبحر) وهو فاسد. وإذا علقته بشبهت كان المعنى: شبهته بالبحر.

وأما (بماله) فهو مرتبط بيجود لا بشبهت، لأن المعنى: يجود بماله إذ لو علقته بشبهت لكان المعنى (شبهت خالدًا بماله) وهو فاسد.

ونحوه قوله تعالى: {فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة} [النساء: ٩٥] فـ (بأموالهم) متعلق بالمجاهدين، لا بفضل، و (على القاعدين) متعلق بـ (فضل).

ومثل ذلك قوله تعالى: {اليوم يئس الذين كفروا من دينكم} [المائدة: ٣]، فارتباط (من دينكم) بيئس لا بـ (كفروا) لأن المعنى يكون على هذا (كفروا من دينكم) ولا معنى له والمراد يئسوا من دينكم.


(١) انظر المغني ٢/ ٤٣٣ - ٤٣٥
(٢) عند النحاة أمور لفظية تمنع من التعلق بالمذكور كان المعنى يقتضيه، فيقدرون له متعلقا محذوفا وذلك نحو {إني لك من الناصحين} [القصص: ٢٠]، فلا يعلقون لك بـ الناصحين، وإن كان المعنى يقتضيه إذ المعنى إني من الناصحين لك لوجود ال الموصولة الداخلة على اسم الفالعل فهم يقدرون له محذوفا يفسره المذكور، أي: إني من النصاحين لك من الناصحين، وهذا الأمر لا يعنينا في هذا الموطن وإن كنا لا نقول به، ولا نراه، فنحن نبحث الآن في معنى التعلق وحقيقته.

<<  <  ج: ص:  >  >>