إلى غير ذلك من الآيات التي تبين أن ثمة ذوات غير الله تحلل وتحرم مفترية على الله وذوات يزعمون أنها شركاء لله، تعبد معه، ونصيبها أكبر من نصيب الله في العبادة، ولذا قدم إبطال هذه العبودات من غير الله على (به) فقال (أو فسقا أهل لغير الله به) لأنه هو مدار الاهتمام والكلام.
والكلام في المائدة أيضا على التحليل والتحريم، ومن بيده ذلك ورفض آية جهة تحلل وتحرم من غير الله، فإن الله هو يحكم ما يريد، قال:{يأيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد يآيها الذين أمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضونا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام ان تعتدوا، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به، والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح لعلى النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب}[المائدة: ١ - ٤].
فهو يجعل التحليل والتحريم بيده ويرفض أية جهة أخرى تقوم بذلك، لأن ذلك من الشرك الذي أبطله الإسلام، ولذا قدمه في البطلان فقال (وما أهل لغير الله به).
ثم إنه جاء في الموطنين بذكر اسم الله على الذبائح، فذكر في آية الأنعام أن المشركين لا يذكرون اسم الله على بعض ذبائحهم تعمدًا، فقال:{وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها}[الأنعام: ١٣٨]ـ، وأمر في آية المائدة بذكر اسم الله، فقال:(واذكروا اسم الله عليه) فناسب ذلك تقديم بطلان ذكر غير الله.