فكان طبيعيا أن يكون إنكارهم أشد وآكد مما في الآية الأولى، ولذا جاء بإن وإلا وهو المناسب للسياق، بخلاف الآية الأخرى، فإنه جاء بـ (ما) و (إلا) لأنه أقل توكيدًا، فدل ذلك على أن (إنْ) آكد من (ما).
وقال تعالى:{قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا يكم إن أتبع إلا ما يوحي إلى وما أنا إلا نذير مبين}[الأحقاف: ٩].
وقال:{قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمي بما كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا نذير مبين قالوا لئن لم تنته يانوح لتكون من المرجومين قال رب إن قومي كذبون}[الشعراء: ١١١ - ١٢١].
فقال في الآية الأولى:{وما أنا إلا نذير مبين} وقال في الثانية: {إن أنا إلا نذير مبين}.
ومن الواضح أن الآية الثانية في مقام المحاربة والمجادلة والجهاد في القول، والتنقيص من المؤمنين، بخلاف الآية الأولى، فإنها في مقام الدعوة الهادئة المبينة بالحجة، يدل على ذلك في الآية الثانية.
١ - وصفهم المؤمنين بالأرذلين.
٢ - طلبوا طردهم فرد عليهم بقوله:{وما أنا بطارد المؤمنين}.
٣ - تحذيرهم نوحا، والطلب إليه الكف عن الدعوة، وإلا رجموه، {لئن لم تنته يانوح لتكونن من المرجومين}.
وأنت ترى أن المقام في الآية الأولى يختلف عنه في الثانية، فجاء في الثانية بـ (إن) و (إلا) وجاء في الأولى بـ (ما) و (إلا) فدل ذلك على أن (إن) آكد من (ما).
ومما يدل على ذلك أيضا قوله تعالى:{وما أدري ما يفعل بي ولا بكم}[الأحقاف: ٩].