وقال تعالى:{وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر، وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون}[الجاثية: ٢٤].
وقال:{وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم ياكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ولئن أطعتم بشرًا مثلكم إنكم إذا لخاسرون أيعدكم أنك إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون. هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين إن هو رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين}[المؤمنون: ٣٣ - ٣٨].
فقال في الآية الأولى:{ما هي إلا حياتنا الدنيا}.
وقال في الثانية:{إن هي إلا حياتنا الدنيا}.
وواضح أن التكذيب في الآية الثانية أشد وأقوى من وجوه:
١ - فقد أسند التكذيب والإنكار في الآية الأولى إلى ضمير الكفرة (وقالوا) وأما في الثانية فقد أسنده إلى الكفرة صراحة، ضفيا عليهم صفات تزيد في تكذيبهم وإنكارهم {الذين كفروا وكذوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا} فهذه صفات تزيد في قوة التكذي بخلاف الآية الأولى التي قال فيها (وقالوا).
٢ - المجادلة في صدق الرسل: فقد ذكر هؤلاء الكفرة أن الرسل إنما هم بشر مثلهم يأكلون كما يأكل الناس، ويشربون كما يشربون، فلا ينبغي أن يطاعوا البتة.
٣ - السخرية من الوعد بالحياة الآخرة:{أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون}.
٤ - الاستعباد المؤكدة في قولهم:{هيهات هيهات لما توعدون}.
٥ - ثم ختموا تكذيبهم وإنكارهم بقولهم:{إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين}.