وتقول (رأيت أحمدًا طويلا) قال تعالى: {اهبطوا مصرًا فإن لكم ما سألتم}[البقرة: ٦١]، أي بلدة من البلدان ولو قال (مصر) بلا تنوين، لكان يعني البلد المعروف، قال تعالى:{ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين}[يوسف: ٩٩]، جاء في (المقتضب): " ويحتجون بأن مصر غير مصروفة في القرآن لأن اسمها مذكر عنيت به البلدة، وذلك قوله عز وجل {أليس لي ملك مصر}[الزخرف: ٥١]، فأما قوله عز وجل {اهبطوا مصرا} فليس بحجة عليه، لأنه مصر من الأمصار وليس مصر بعينها (١).
ومثل ذلك: سحر، وغدوة، وبكرة، وعشية. فهي إذا نونت كانت نكرات، قال تعالى:{نجيناهم بسحر}[القمر: ٣٤]، وقال:{ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا}[مريم: ٦٢]، وإذا لم تنون فهي معارف، أي سحر يوم معين، وغدوة يوم بعينه، وبكرة يوم بعينه.
٢ - يبين لنا أصل الكلمة، وذلك نحو حسان، وريان، وسمان، وغيان، فإنه إذا نون العلم أفاد أن النون من أصل الكلمة وإن لم ينون أفاد أنها زائدة، فحسان إذا نون كان من الحسن وإن لم ينون فهو من الحس، وريان منونا من الرين، وغير منون من الري، وهكذا الباقي.
ومثل نهشل، علما فهو إذا نون علينا أن النون أصلية وأنه على وزن فعلل، كجعفر وليس من الهشل، وإذا لم ينون فهو من الهشل، والنون زائدة، وسبب منعه من الصرف أنه على وزن الفعل، مثل نعمل والمعنيان مختلفان.
ومثله (تولب) علما فإنه بوروده منونا علمنا أن التاء أصلية، وليست زائدة، ومعناه الجحش وليس من (ولب) بمعنى (دخل)، إذ لو كان كذلك لكان ممنوعا من الصرف.
ومثله (أولق) فإه بوروده منونا، علمنا أن همزته أصلية، وليس من (ولق)، ولو كان كذلك لكان ممنوعًا من الصرف، والمعنيان مختلفان وهكذا.