مراد لله تعالى بخلاف الثانية، وكذلك قوله:{ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل}[إبراهيم: ٤٤]، فإن التأخير مطلوب لهم مراد بخلاف ما لو قلنا:(إن تؤخرنا نجب دعوتك) فإنه لا يفهم هذا المعنى بل هو أسلوب اشتراطي مع الله سبحانه وهو كما ترى يختلف عن الأول.
وكذلك بقية أنواع الطلب، فالجزاء هنا يكون جوابا للتمنى، والاستفهام، والعرض والتحضيض، والنهي، مما لا يمكن أن يؤدي بالشرط، تقول (ليت محمدا هنا يدافع عني) فيدافع جواب للتمنى، ولا يؤدي هذا المعنى بالشرط فيما إذا قلت (أن يكن محمد هنا يدافع عني) إذ ليس في هذا معنى التمنى، وكذلك قولنا (ألا تأتينا تصب خيرا) فإن هذا عرض (وتصب) جواب العرض، ولا يؤدي هذا المعنى بالشرط فيما إذا قلنا (إن تأتنا تصب خيرا) لأنه ليس فيه عرض.
جاء في (بدائع الفوائد) أن الفرق بين قولنا (قم أكرمك) و (إن تقم أكرمك) أنه " في قوله: (قم أكرمك) فائدتان ومطلوبان:
أحدهما جعل القيان سببا للإكرام، ومقتضيا له اقتضاء الأسباب لمسبباتها.
والثاني كونه مطلوبا للآمر مرادا له، وهذه الفائدة لا يدل عليها الفعل المستقبل فعدل عنه إلى لفظ الأمر تحقيقا له، وهذا واضح جدًا (١).
ففي الشرط فائدة واحدة، وهو اقتضاء الأسباب لمسبباتها، وفي هذا التعبير فائدتان هما فائدة الشرط المذكورة، والثانية إفادة معنى الطلب من أمرن ونهي، واستفهام، وتمن، ونحوه مما لا يتحقق بالشرط.