وليس معنى ذلك أنه بعد كل قول هو أمر يكون المحذوف لامًا، بل قد يكون أسلوبا شرطيا، فإن المعنى هو الحاكم ففي قولك (قل الحق يعصمك الله) معناه أن تقل الحق يعصمك الله، وليس معناه ليعصمك الله، ونحوه قوله تعالى:{يآيها الذين أمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم}[الأحزاب: ٧٠ - ٧١]، فإن معناه الشرط، وليس الأمر.
وقد يحتمل التعبير المعنيين، الشرط والأمرن وذلك نحو قولنا (قل له يفعل ذاك) فهذا يحتل الأمر، ويحتمل الشرط، فإذا أردت أنك إن تقل له يفعل ذاك، كان شرطا، وإلا كان أمرًا، كما أن حذف اللام ليس محصورا بالقول، بل قد يكون مع غيره حسبما يقتضي المعنى وذلك نحو قوله:{ادعوا ربك يخفف عنا يوما من العذاب}[غافر: ٤٩]، فإن المعنى الأظهر له (ادعوا ربكم ليخفف عنا يوما من العذاب)، وليس (إن تدعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب). وكذلك قوله تعالي:{قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها}[البقرة ٦٩]، فالأرجح أنه على تقدير أدع ليبين لنا ما لونها، وليس على تقدير إن تدع يبين.
ونحوه قوله تعالى:{وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رءوسهم}[المنافقون: ٥] فإنه ليس المعنى إن تأتوا يستغفر لكم، رسول الله، إذ ليس الاستغفار حاصلا من مجرد الاتيان، بل الراجح أن المعنى تعالوا ليستغفر لكم رسول الله.
ومثله قوله تعالى:{يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين أمنوا انظرونا نقتبس من نوركم}[الحديد: ١٣]، فإنه ليس المقصود: إن تنظرونا نقتبس من نوركم، بل هو طلب النظر لاقتباس النور، أي على معنى (انظرونا لنقتبس من نوركم) ومثله: {رب أرني أنظر إليك}[الأعراف: ١٤٣]، فإن الراجح أن المعنى أرني لأنظر إليك، وليس: إن ترني أنظر إليك.
وربما احتمل بعض هذه التعبيرات الشرط من وجه بعيد إلا أن تقدير اللام أظهر.