ولو قال قائل إن المعنى على تقدير لام التعليل في نحو قوله تعالى:{تعالوا يستغفر لكم رسول الله} وقوله: {انظرونا نقتبس من نوركم} لكان أشبه بالمعنى والله أعلم.
وقد تقول: ما الفرق بين التصريح باللام وإضمارها، فما الفرق بين قولنا (قل له يفعْل) و (قل له ليفعْل)؟
الذي يبدو أن ثمة فرقًا بين التعبيرين، وذلك أن القائل استغنى بفعل الأمر عن أمر جديد باللام، وهذا ألطف إذ لا يحسن أحيانًا مواجهة المعنى بالأمر الصريح، فتستغني عنه بالأمر السابق الموجه إلى المخاطب، لا إلى الشخص المطلوب منه الفعل، فقوله:{فادع لنا ربك يخرج لنا}[البقرة: ٦١]، يختلف عن قولنا (ادع لنا ربك ليخرج لنا) فإن المخاطب في التعبير الأول موسى عليه السلام فاستغني بخطابه عن ذكر لام الأمر مع الله تعالى في حين أنه في العبارة الثانية تكون لام الأمر صراحة لله تعالى.
أنه بذكر اللام يكون الشخص المعنى مأمورا صراحة بخلاف إضمارها وهذا أرق وألطف، فقولك (قل له يفعل) أرق وألطف من قولك (قل له ليفعل) لما في اللام من تنصيص على الأمر، وهذا نظير قولنا ((تذهب إلى فلان وتخبره)) بمعنى اذهب إليه وأخبره فهذا ألطف من (اذهب إلى فلان وأخبره) لأنك عدلت عن لفظ الأمر الصريح إلى الخبر إذ لا تريد أن تجعل هذا الشخص مأمورا لك صراحة.
هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية أن المعنى بإضمارها قد يتسع، ويحتمل أكثر من وجه بخلاف ذكرها فإن ذكرها تنصيص على الأمر، بخلاف حذفها، فإنه يحتمل الأمر والشرط وربما التلعيل، وذلك نحو قولنا ((قل له يحفرها) فهذا يحتمل الأمر، أي قل له ليحفرها ويحتمل الشرط، أي إن تقل له يحفرها، بخلاف قولنا (قل له ليحفرها) فهذا نص في الأمر.
وقد يكون المعنيان صحيحين مرادين للمتكلم، فيكون قد كسب معيين بتعبير واحد فيكون الحذف أولى، وذلك نحو قوله تعالى:{قل للذين أمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله}[الجاثية: ١٤]، فإن هذا يحتمل الشرطن أي: إن قلت لهم فعلوا ذلك.