للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذهب الزمخشري وجماعة كما ذكرنا، إلى أنه أمر لكل أحد، بأن بصفه بالصفة المتعجب منها، ولم يقولوا هو أمر للمخاطب، والأمر ليس مقصورًا على المخاطب، بل هو قد يكون للمتكلم، نحو (لأذهب إليه) والغائب، والغائبة، وغيرهم، قال {ولتنظر نفس ما قدمت لغد} [الحشر: ١٨].

٤ - إنه لو كان أمرًا لوجب له من الإعلال ما وجب لأقم وابن (١).

وهذا مردود بأنه لم يحصل فيه إعلال، لئلا يلتبس بالأمر الحقيقي، وقد أهملت العرب الاعلال في موطن عديدة منعا للبس، من ذلك اسم التفضيل نحو (أسير) و (ألوم) و (وأبين) والصفة المشبهة نحو (أسود) و (أبيض)، واسم الآلة نحو (مخيط) و (مرود).

بل أن العرب تعل أحد الفعلين، ولا تعل الآخر، أمنا للبس نحو باض، وبيض، وساد وسود وعار وعور.

ومن ذلك أهمالهم الاعلال في فعل التعجب (ما أفعله) نحو ما أسيره، وما أبينه. ولو أخذنا بهذا الاعتراض لقلنا ردا على هؤلاء، أنه لو كان الفعل في (ما أفعله) فعلا ماضيا، لحصل فيه إعلال كما في أقام، وأجاد وأبان.

وقيل في تفسير هذه الصفة ايضا " أن قولك (أكرم بزيد) يفيد أن زيدًا بلغ ف الكرم إلى حيث كأنه في ذاته، صار كرما، حتى لو أردت جعل غيره كريما، فهو الذي يلصقك بمقصود: ، ويحصل لك غرضك كما أن من قال (اكتب بالقلم) فمعناه ان القلم هو الذي يلصقك بمقصودك ويحصل لك غرضك (٢).

والذي يبدو ان هذه الصيغة أمر بالمشاركة في التعجب، فالفرق بين قولك (ما أحسن محمدا) و (أحسن بمحمد) أن الأولى تعجب انفرادي يقوله المرء متعجبا من حسن


(١) انظر التصريح ٢/ ٨٨ - ٨٩ الهمع ٢/ ٩٠، شرح ابن يعيش ٧/ ١٤٨
(٢) التفسير الكبير للرازي ٢١/ ٢٢١

<<  <  ج: ص:  >  >>