للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن يعيش: "ولا يجوز إظهار الفعل بعد (أما) هنا لما ذكرناه من كون (ما) نائبة عنه، وإن أظهرت الفعل لم تكن (إما) إلا مكسورة نحو قولك: (إما كنت منطلقا انطلقت معك)، فيكون شرطا محضا، ولا يجوز حذف الفعل بعد إما المكسورة، كما لم يجز إظهاره بعد أما المفتوحة وذلك أن (أما) المفتوحة كثر استعمالها حتى صارت كالمثل الذي لا يجوز تغييره" (١).

وأرى إن ما ذهب إليه البصريون، من أن (أما) المفتوحة تفيد التعليل، أرجح إذهما تعبيران أحدهما يفيد التعليل، والآخر يفيد الشرط، فأنت تقول: (أحبه إن عدل) أي أحبه إن فعل ذلك في المستقبل. وتقول:

"أحبه أن عدل" أي أحبه لكونه عدل في الماضي، أي أحبه لأنه عدل، فهنا تعلل أمرًا قد حصل وذلك أمر مشروط. فالعبارة بحذف الفعل، وفتح همزة (أن) تفيد التعليل وهي بكسر الهمزة وإبقاء الفعل تفيد الشرط.

وأظن أن هذا أقرب إلى طبيعة اللغة، فالأصل أن يكون التعبيران المختلفان يؤديان معنيين مختلفين، ثم إن الأصل في (أن) المفتوحة أن تكون مصدرية لا شرطية.

٢ - إضمارها مع اسمها:

وقد تضمر كان مع اسمها اخصارا واعتمادا على فهم السامع ويكثر ذلك بعد إن ولو الشرطيتين، ومن ذلك قولهم (الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرًا، فخير وإن شرًا فشر) أي إن كانت أعمالهم خيرًا فجزاؤهم خير، وإن كانت شرًا فجزاؤهم شر، ومنه الحديث (التمس ولو خاتمًا من حديد) أي ولو كان الملتمس، وإن شئت أظهرت الفعل فتقول إن كانت خيرًا فجزاؤهم خير (٢).


(١) ابن يعيش ٢/ ٩٩
(٢) انظر كتاب سيبويه ١/ ١٣٠، الأشموني ١/ ٢٤٢، التصريح ١٩٣، ابن عقيل ١/ ١١٧، الهمع ١/ ١٢١ - ١٢٣، ابن الناظم ٥٨

<<  <  ج: ص:  >  >>