للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا يمكن أن يحصل في كل موضع أريد فيه تعليل فعل بفعل (١).

وذهب الكوفيون إلى أن (أن) المفتوحة هنا شرطية، ولذلك دخلت الفاء في جوابها في قول الشاعر:

أبا خراشة أما أنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع

قال أبو سعيد السيرافي: "اتفق الكوفيون والبصريون على وجوب حذف الفعل في نحو: (أما أنت منطلقا انطلقت) واختلفوا في المعنى، فالكوفيون يقولون هو بمعنى (إن) وإن (أن) المفتوحة فيها معنى (إن) التي للمجازاة ويحملون قوله تعالى: {أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى} [البقرة: ٢٨٢]، عليه، والبصريون يقولون إنه على معنى التعليل أي: لأن كنت منطلقا انطلق معك وشبهوها بإذ. ولأجل أن الثاني استحق بالأول جاز دخول الفاء في الجواب" (٢).

وأما إذا كانت (إما) مكسورة فلا يجوز حذف الفعل بعدها، وهي شرط محض، قال سيبويه: "ومن ذلك قول العرب: أما أنت منطلقا انطلقت معك، وأما زيد ذاهبا ذهبت معه وقال الشاعر (العباس بن مرداس):

أبا خراشة أما أنت ذا نفر ... فإن قومي لم تأكلهم الضبع.

فإنما هي (أن) ضمت إليها (ما) وهي (ما) التوكيد لزمت كراهية أن يجحفوا بها، لتكون عوضا من ذهاب الفعل .. فإن أظهرت الفعل قلت: (إما كنت منطلقا انطلقت) إنما تريد إن كنت منطلقا انطلقت، فحذفت الفعل لا يجوز ههنا، كما لم يجز ثم إظهاره لأن (أما) كثرت في كلامهم، واستعملت حتى صارت كالمثل المستعمل، وليس كل حرفٍ هكذا (٣) ".


(١) انظر شرح قطر الندى ١٣٩، التصريح ١/ ١٩٤ - ١٩٥، ابن عقيل ١/ ١١٨، الأشموني ١/ ٢٤٤
(٢) حاشية على المفصل ١/ ٢١٤، حاشية الصبان ٢/ ٢٤٤
(٣) سيبويه ١/ ١٤٧ - ١٤٨

<<  <  ج: ص:  >  >>