للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومثله قوله تعالى: {قلم فلم تقتلون أنبياء الله من قبل} [البقرة: ٩١]، فالقتل حصل فيما مضي ألا ترك إلى قوله: {من قبل} ولكنه عبر عنه بالفعل الضارع أستحضارا لهذه الصورة الشنيعة من قتل أنبياء الله، فخلع على المشهد صورة الحياة والحركة بجعله ماثلا أماما عين الرائي.

جاء في المغنى: أنهم يعبرون عن الماضي والآتي كما يعبرون عن الشيء الحاضر قصدا لاحضاره في الذهن حتى كأنه مشاهد حالة الأخبار .. ومثله: {والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا} [فاطر: ٩]، قصد بقوله سبحانه وتعالى: {فتثير} [احضار تلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الباهرة من إثارة السحاب تبدو أولا قطعا، ثم تتضام متقلبة بين أطوار، حتى تصير ركاما (١).

وجاء في البرهان: قوله: {ثم قال له كن فيكون} [آل عمران: ٥٩]، أي (فكان) استحضارا لصورة تكونه. وقوله: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} [البقرة: ١٠٢]، أي ماتلت .. وقوله {فلم تقتلون أنبياء الله من قبل} أي فلم قتلتم (٢).

وجاء في الكشاف في قوله تعالى: {ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون} [البقرة: ٨٧]. فإن قلت: هلا قيل: وفريقا قتلتم؟

قلت: هو على وجهين: أن تراد الحال الماضية، لأن الأمر فظيع فأريد استحضاره في النفوس وتصويره في القلوب.

وإن يراد وفريقا تقتلونهم بعد لأنكم تحومون حول قتل محمد صلى الله عليه وسلم لولا أني أعصمه منكم (٣).


(١) المغنى ٢/ ٦٩٠
(٢) البرهان ٣/ ٣٧٣
(٣) الكشاف ١/ ٢٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>