للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والخلاصة أن الفعل بعد الفاء له ثلاثة أحوال:

١ - النصب وذلك إذا قصد التنصيص على السبب نحو قلوه تعالى: {ياليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما} [النساء: ٧٣]، و {لا يقضي عليهم فيموتوا} و (لا تضرب خالدا فيهنيك).

وفي هذه الحال يكون معنى الفعل مخالفا لما قبلها، فقولنا (لم تزرنا فنكرمك) بالنصب معناه أنك لم تزرنا فكيف نكرمك، والمقصود أنك لو زرتنا لأكرمناك، ولو ابتع لكان الفعلان منفيين، ولكان المعنى أنك لم تزرنا فلم نكرمك، ونحوه (هل يأتيك خالد فيعلمك) بالنصب والمعنى هل يجيئك ليعلمك؟

وقد يراد بالاستفهام النفي / أي: هو لا يأتيك فكيف يعلمك؟

وبالاتباع يكون الاستفهام عن الاتيان والتعليم جميعا أي فهل يعلمك؟ قال سيبويه: " تقول (لاتأتيني فتحدثني) لم ترد أن تدخل الآخر فيما دخل فيه الأول فتقول (لا تأتيني ولا تحدثني) ولكنك لما حولت المعنى عن ذلك تحول إلى الاسم كأنك قلت: ليس يكون منك اتيان فحديث (١).

وجاء في (الأصول) لابن السراج: اعلم أن الفاء عاطفة في الفعل، كما يعطف في الاسم .. فإذا قلت (زيد يقوم فيتحدث) فقد عطفت فعلا موجبًا على فعل موجب، وإذا قلت (ما يقوم فيتحدث) فقد عطفت فعلا منفيا على منفي، فمتى جئت بالفاء وخالف ما بعدها ما قبلها لم يجز ان تحمل عليه، فحيئنذ تحمل الأول على معناه، وينصب الثاني بإضمار (أن) وذلك قولك: (ما تأتيني فتكرمني) و (ما أزورك فتحدثني) لم ترد ما أزورك وما تحدثني، ولو أردت ذلك لرفعت ولكنك لما خالفت في المعنى، فصار (ما أزورك فكيف تحدثني) وما أزورك إلا لم تحدثني حمل الثاني على مصدر الأول، وأضمر (أن) كي يعطف اسمًا على اسم (٢).


(١) كتاب سيبويه ١/ ٤١٨
(٢) الأصول ٢/ ١٥٩، وانظر المقتضب ٢/ ١٤ - ١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>