للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحق إن المعرف بأل الجنسية يختلف عن اسم الجنس النكرة، كما ذهب إليه القسم الثاني، وذلك أن المعرف بأل يقصد به استحضار الجنس وهيئته المعلومة في الذهن، فإذا قلت: (الأسد أجرأ من الثعلب) فكأنك قلت: الحيوان الذي أمره كذا أو المشهور بكذا أجرأ من الحيوان الذي من أمره كذا أو المعروف بكذا.

ونحوه قولك (خلق الإنسان من الطين) فالطين ههنا جنس، وهو معروف بأل أي من هذه المادة المعروفة التي من أمرها كذا، فإذا قلت (من طين) كان المعنى أنه خلق من مادة هذا اسمها ولست تشير إلى استحضار صفاتها وإنما يكون عرضا غير مقصود.

فتعريف الجنس القصد منه استحضار ما عرف عن الجنس في الذهن والتنكير ليس القصد منه ذلك جاء في (الكشاف) في قوله تعالى {الحمد لله رب العالمين} " وهو تعريف الجنس ومعناه الإشارة إلى ما يعرفه كل أحد من أن الحمد ما هو" (١).

فأحالك إلى ما يعرفه الذهن عن حقيقة الحمد واستحضاره في الذهن فتعريف الجنس شبيه بعلم الجنس (٢) الذي سبق أن ذكرناه في باب العلم فقولك (الأسد المفترس) يراد به ما يراد بقولك (أسامة متفرس) فالفرق بين المعرف بأل الجنسية واسم الجنس النكرة كالفرق بين أسامة وأسد وقد مرّ ذلك بما فيه الكفاية.

وقد يشار بأل هذه إلى واحدٍ غير معين من الجنس المعروف المعلوم، كما مر في نحو قولنا (أدخل السوق) فإن هذا الجنس معلوم للمخاطب، غير أنه لا يراد واحد بعينه من هذا الجنس فأل هذه جنسية (٣)، في حقيقتها، لأنه لا يراد بمدخولها شيء بعينه بل يراد به واحد من الجنس المعهود، فالجنس معهود معلوم وما دخلت عليه أل واحد غير معين من هذا الجنس ونحوه قوله:


(١) الكشاف ١/ ٤٠
(٢) انظر حاشية الخضري ١/ ٨٤، الأشموني ١/ ١٧٩
(٣) انظر حاشية الخضري ١/ ٨٤

<<  <  ج: ص:  >  >>