للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يجوز أن يكون في موضع هذا (إنْ) لأن الله عز وجل يعلم، و (إنْ) إنما مخرجها الظن والتوقع فيما يخبر به المخبر، لويس هذا مثل قوله: {إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال: ٣٨]، لأن هذا راجع إليهم.

وتقول: (آتيك إذا احمر البسر) ولو قلت (آتيك إن احمر البسر) كان محالا، لأنه واقع لا محالة (١).

وجاء في (الاتقان): " تختص (إذا) بدخولها على المتيقن، والمظنون، والكثير الوقوع، بخلاف (إنْ) فإنها تستعمل في المشكوك والموهوم والنادر، ولهذا قال تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} [المائدة: ٦]، ثم قال: {وإن كنتم جنبا فاطهروا} [المائدة: ٦]، فأتى بـ (إذا) في الوضوء، لتكرره وكثرة أسبابه، وبـ (إنْ) في الجنابة لندرة وقوعها بالنسبة إلى الحدث.

وقال تعالى: {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه، وإن تصبهم سيئة يطيروا} [الأعراف: ١٣١]، {وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها، وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون} [الروم: ٣٦]، أتى في جانب الحسنة بـ (إذا) لأن نعم الله على العباد كثيرة ومقطوع بها، و (إنْ) في جانب السيئة لأنها نادرة الوقوع، ومشكوك فيها (٢).

وجاء في (شرح ابن يعيش): " وحق ما يجازي به أن لا تدري أيكون أم لايكون، فعلى هذا تقول: (إذا احمر البسر فائتني).

وقبح: (إن احمر البسر)، لأن احمرار البسر كائن، وتقول: (إذا أقام الله القيامة عذب الكفار)، ولا يحس: (إن أقام الله القيامة، لأنه يجعل ما أخبر الله تعالى بوجوده مشكوكا فيه) (٣).


(١) المقتضب ٢/ ٥٥ - ٥٦
(٢) الاتقان ١/ ١٤٩
(٣) شرح ابن يعيش ٩/ ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>