للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه أهم المواطن التي تقترن بها الفاء. هذه المواطن لا يصح أن تقع شرطًا، فإذا وقعت جوابًا اقترنت بالفاء.

وسبب اختيار الفار للربط، هو أنها (أي الفاء) تفيد السبب عموما في الشرط وغيره، تقول: (الطفل يبكي فيضحك أخوه) و (يقوم خالد فيقوم محمد)، قال تعالى: {إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر} [الكوثر: ١، ٢]، فجيء بها في الشرط للدلالة على السبب.

جاء في (التصريح): " وخصت الفاء بذلك لما فيها من معنى السببية (١).

وقال أبو حيان: " وهذه الفاء هي فاء السبب الكائنة في الإيجاب، في نحو قولك: (يقوم زيد فيقوم عمرو)، وكما يربط بها عند التحقيق يربط بها عند التقدير (٢).

وقال ابن يعيش: " فأتوا بالفاء لأنها تفيد الاتباع، وتؤذن بأن ما بعدها مسبب عما قبلها" (٣).

وليست هذه مهمة الفاء فقط، بل هي قد تفيدنا أيضا في تعيين الجزاء، وإيضاح المعنى وإن حذفها قد يؤدى إلى الالباس، أو على عدم اكتمال المعنى في تعبيرات عديدة، وذلك نحو قولنا: (من أحسن فلنفسه، ومن أساء فعليها) ألا ترى أنا لو حذفنا الفاء وقلنا (من أحسن لنفسه) كان (لنفسه) متعلقا بـ (أحسن)، وبقي الكلام غير تام، فلما جئنا بالفاء اتضح القصد وتم المعنى.

ونحو قوله تعالى: {وما تنفقوا من خير فلأنفسكم} [البقرة: ٢٧٢]، فلو قلت: (وما تنفقوا من خير لأنفسكم) لم يكتمل المعنى، لأن المجرور ارتبط بالشرط فأصبح في حيزه ولم يصبح في حيز الجزاء، وكذا لو قلت: {وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم} [الشوري: ٤٨]، كان الجزاء (فبما قدمت أيديهم)، وكان المعنى أنه إذا أصابتهم سيئة،


(١) التصريح ٢/ ٢٥٠
(٢) الهمع ٢/ ٦٠
(٣) شرح ابن يعيش ٩/ ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>