للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المخاطب لا يحتاج إلى توكيد تركت توكيد الكلام، وإذا كان يحتاج إلى مؤكد واحد جاءت له بمؤكد واحد، وإذا احتاج إلى أكثر جاءت له على قدر حاجة المخاطب إليه، وقد تسفع ذلك بالقسم زيادة في التوكيد، فتقول (محمد سابق)، فإذا كان المخاطب في شك من ذلك قالت (إن محمدا سابق)، فإذا كان منكرا لهذا الخبر، جاءت باللام زيادة على إن، فتقول (إن محمدًا لسابق) وقد تأتي بالقسم مع كل ذلك فتقول (والله إن محمدًا لسابق) جاء في (الإيضاح): " وإذا كان غرض المخبر بخبره إفادة المخاطب أحد الأمرين، فينبغي أن يقتصر من التركيب على قدر الحاجة.

فإن كان المخاطب خالي الذهن من الحكم بأحد طرفي الخبر على الآخر، والتردد فيه استغنى عن مؤكدات الحكم، كقولك (جاء زيد وعمرو ذاهب) فيتمكن في ذهنه لمصادفته إياه خاليًا.

وإن كان متصور الطرفين، مترددا في إسناد أحدهما إلى الآخر، طالبا له حسن تقويته بمؤكد كقولك (لزيد عارف) أو (إن زيدًا عارف).

وإن كان حاكمًا بخلافه، وجب توكيده بحسب الإنكار، فتقول (إني صادق) لمن ينكر صدقك، ولا يبالغ في إنكاره و (إني لصادق) لمن يبالغ في إنكاره (١).

وجاء في (الاتقان): " ويتفاوت التأكيد بحسب قوة الإنكار وضعفه، كقوله تعالى حكاية عن رسل عيسى إذ كذبوا في المرة الأولى: {إنا إليكم مرسلون} [يس: ١٤]، فأكد بأن واسمية الجملة، وفي المرة الثانية: {ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون} [يس: ١٦]، فأكد بالقسم و (إن) واللام، واسمية الجملة، لمبالغة المخاطبين في الإنكار، حيث قالوا: {ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون} [يس: ١٥] (٢).


(١) الإيضاح ١/ ١٨، وانظر البرهان ٢/ ٣٩٠ - ٣٩١، ودلائل الإعجاز ٢٤٢
(٢) الاتقان في علوم القرآن ٢/ ٦٤

<<  <  ج: ص:  >  >>